إلى جناب سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم (شعر)
الأحد, 12 يناير 2014 15:02

سِيقَـت إلى قلَمِـي زُهْـرُ الرُّؤى زُمَـرَا

والكَـونُ أصغَـى إليَّ السَّمعَ والبصَرا

والشِّـعرُ أرخَـى عنَـانَ الشِّعرِ لي, ولَهُ

هَطلاءُ من وَكْـفِـها أستنبِـتُ الدُّرَرَا

لمَّـا همَمتُ بذِكْر المُـصطَفى , فصَفَـا

ليَ السُّـرورُ , وأهـدَى الموردَ النَّـضِرا

مِـن أيـنَ يا سيِّدَ السَّـادَاتِ مُبتدَئي

فـيمَا أقُـولُ إذا طَـيفي إليْـكَ سَرَى

أتيتُ أطـوِي إليـكَ الأرضَ, راحلَتي

شَـوقِي, وَبِي منكَ ما يستنطِـقُ الحجَرا

بِي منكَ يا سيِّـدي ما لو نطقتُ بهِ

كانَ الوِصَـالُ لكلِّ العَـاشقِـينَ قِـرى

يَبيتُ غَـيرِي ولَيْـلاهُ تقُـضُّ لَـهُ

مضاجعَ الشِّـعرِ إنْ مَا حـنَّ وادَّكَــرا

ومَا لِـبَثْنَـةَ, أو نُعمَى, وخَوْلةَ مِـنْ

طَـيفٍ أسَـامرُهُ إن برقُـهُـنَّ شَـرى

لكنَّما أنتَ يا خيرَ الورَى لُـغَـتي

وعنكَ جَـازَ حديثِـي التِّـيهَ مُفتخِـرا

وفي جنَـابِكَ مَدحِـي إنْ مَدَحتُ , وما

مدحتُ إلاَّكَ فيما عَـنَّ واسـتَتَرا

أُزجِـي المديحَ , وأسْـتعفيكَ معتذراً

يا سيِّدي , فجميعُ الشِّعر قد حَصَـرا

ماذا عسَى الخلق إن سيقتْ مدائحُهم

إليكَ أن يبلُـغوا في سَـيرِكَ الأثَرا

فأنتَ أنتَ الَّـذي أولاكَ ربُّـكَ ما

يعيا بهِ الحرفُ منظُـوماً وإن نُـثِرا

يكفيكَ عن كُـلِّ مدحٍ نقطُ معجَمَةٍ

من مُحكَماتٍ ثناءٍ في القُرَانِ جَـرَى

فَردٌ أطَـلَّ على الأيَّامِ فانبجَست

بِـشراً, وأضفى عليهَـا السَّعدَ منتَشرا

حلَّت مَيامنُكم وجهَ الزَّمانِ حُـلاً

تحمَّـلَ الحُسنُ منها فوقَ ما قدرا

يا سيِّـدِي أنتَ من أحيا الإلهُ بهِ

هـذا الأنَـامَ مقيماً منهُ مَا عَـثرَا

وأنتَ من عَبَّ من ينبُـوعِ حكمتِهِ

كلُّ الوَرى , وهُـداهُ في الدُّهورِ سرَى

ربيعُ مولدكَ الميمُـونِ طَـابَ بهِ

للكَـونِ كونٌ, وأحيا الجنَّ والبشَـرا

أفاضَ منهُ على الأيَّـامِ آبِـدَةً

من الضياءِ تُباهِـي الشَّمـسَ والقمَـرا

شهرٌ بمولدكُـم يفتَـرُّ مبسَمُـه

يُعلِّـمُ الكونَ لمعَ الحُسنِ كيفَ يُرَى

ودَارُكَ الجنَّـةُ الدُّنـيا التي اكتنَزتْ

صفـوَ الهنَـاء, وحطَّت خلفها الكدرا

مُـذ جئتَها أنتَ ما رَاءَ العناءُ بِها

مأوى , وأزمعَ عن أنحائِها السَّـفَـرا

ومُـذ تصافَحَ فيها طُـهرُ موطئكُم

مع التُّـرابِ تسَـامَى التُّربُ وافتخَـرا

حتى غدا تُربُـهاَ سيفاً يُشَـقُّ بِهِ

هامُ السَّـقامِ فلا يُـبقي له أثَـرا

ومُذ تنفَّـستَ واحتفَّـت نسائمُـها

بالطِّيبِ منكَ أناخَ الطُّـهرُ واستَطَرا

يُمنٌ يمينُـكَ , بلْ يُسرٌ يسارُكَ , بلْ

أنتَ اليسَـارُ وأنتَ اليمنُ إن ذُكِرا

يا أكرمَ الخَـلقِ عُذراً إن عجَزتُ فما

أبقتْ معاليكَ لي في الشِّعـر معتصَرا

تَهابُ وصفَكَ أقلاَمِي, وقافيَـتي

تَـأبَى عليَّ , فعُـذْراً سيِّدِي عُـذُرَا

صلَّـى عليكَ الَّـذي -حنَّ الجمادُ لكم-

بأمرهِ ما أسرَّ الحُـبَّ بل جهَرا

صلَّـى وسلَّمَ من أحنَـى لكُـم أحُـداً

لمَّا تمايَل فخراً , حقَّ ما افتخراَ

مَا هبَّت الرِّيحُ , أو أنَّـت مطَوَّقةٌ

أو ناضَ برقُ سماءٍ يحمِلُ المطرا

 

محمودُ بنُ كابِر الشنقيطي