آخر معارك اليمين البيضاني
الاثنين, 13 يناير 2014 23:03

altتكاثر الفطر على اليمين البيضاني وأصبح يُحارِب على كل الأصعدة. كانت التحررية الحرطانية تضرب في شماله وفي جنوبه فوجئ بانفصالية "لمعلمين"؛ وفي غضون ذلك ظهرت له تحررات الشباب الباحث عن أفكار، وليس مجرد حِكَم. ردّ اليمين البيضاني بعنف.

ساق قضية الكفر ضد الحركات الإنعتاقية، وبدأ ذهنه المريض يتحدّث عن "موجة" من الكفر. يقصد بالموجة مقالاً واحداُ بقلم مستعار، ولكنه يريد أن يبلغم فيها كل قوى الاختلاف الحداثي.

في كل مرة ساق اليمين البيضاني بيادقه بالآلاف إلى الشارع لـ"نصرة الرسول".بعضها بكى؛ بعضها سرق ونهب؛ وبعضها رفع أعلام القاعدة. في غضون هذا صاغ اليمين تحالفه المقدس الرهيب: السلفية التكفيرية القاتِلة (إما بالفتاوي أو بالساعد) والنظام العسكري الديماغوجي الذي أعلن زعيمه نفسه مفكراً من النوع القذافي؛ والعشائرية البيضانية التقليدية التي بدأت في الحملة الأخيرة تتخذ أعلاماً حزبية، وأصبح لبعض شبابها هويات مؤدلجة. لقد صيغ هذا التحالف على عجالة في 2011 ثم بدأ يصبح قاطرة، وانضمت لها صوفية التمويل (وليس صوفية تربية القلوب)، وبيروقراطيو الدولة وشعراء الدم ومفكرو التاكسي (دعا أحد هؤلاء إلى محاربة الإلحاد بالزواج المبكر!!). وسرعان ما أصبحت عقيدة هذا التحالف عقيدة نُكوصية بشكل واضح وأصبحت نقاشاتها الأساسية هي قَطع رأسِ المرتد وطريقة لِبس فنانة والتّنديد برمزيات فيسبوكية، وأصبح مفكروها الأساسيون أقلام مستعارة وخريجو الابتدائية والصحف الأصولية وجنرال غير قادر على التهجي وفقيه عائد إلى تشدده وموتورون وشتّامون من هنا وهنالك. هذه معركة أخيرة لليمين البيضاني ليبقي كل المجتمع في خلاصته: يقينيته الفكرية،ذكوريته، توازناته الطبقية والجهوية، حكمه البدوية، سدّه لمنافذ الحوار والتفكير، إبقاء تراتبيته القديمة.

المضحك أن اليمين الذي يُريد أن يجعل الرسول (صلعم) نواة حربه يقود حملة سلفية موازية لعدم الاحتفاء به في مولده عليه السلام.

والمشكلة أن اليمين البيضاني الذي يريد وحدوية البيضان إنما يفعل هذا بإقصاء أهم قواهم السياسية من المشهد السياسي، وبتأسيس نظام طبقي يستعمر فيه أغنياء القبائل فقراءها. هذه معركة خاسرة، على المدى البعيد.

إن استيراتيجاته فاشلة. وتماماً كما فشلت معركته الصليبية في حادثة المحرقة فإنه يتجه إلى خسارة المعركة في المستقبل. وابتداءً من الآن عليه الاستعداد لمجتمع تعددي أو ليتوّجه إلى أقرب حائط ويضرب عليه رأسه.

ووالله لا يهدي كيد الخائنين.

------------

من صفحة الأستاذ عباس برهام