الأناضول - قبل عامٍ تقريباً، رفض السوريّ حسن الجندي (69 عاما) الخروج من منزله في مدينة إدلب السورية، بعد احتدام الصراع المسلح بالقرب منه، وذلك خوفاً من الموت في الغربة. فقد فضّل الموتَ في وطنه حتّى وإن فرقته الأحداث السورية عن إخوته
الذين لجأ كل منهم إلى دولة عربية أو أجنبية. لكن ضغوط أقاربه، وقذائف طائرات النظام السوريّ، أجبرته في النهاية على الاستجابة، حسبما تقول “صبا”، ابنته المتواجدة في مدينة غزة. “صبا” توضح، في حديث مع وكالة الأناضول، أن والدها فرّ من سورية إلى الإمارات التي تعطي تأشيرة دخول للسوريين الهاربين من الأحداث لمدة شهرين فقط، وبعد انقضاء الشهرين، قرر العودة إلى سورية والبقاء في وطنه حتّى وإن كلفه ذلك حياته.
وترى الابنة أن العودة إلى سورية كان قرار متهورا، ولذلك مارست وإخوتها ضغوطا جديدة على والدها كي يأتي إلى قطاع غزة. وتضيف “صبا”: “بالفعل جاء قبل أحد عشر شهراً إلى القطاع، لكن غزة حققت مخاوفه من الموت في الغربة”. وتتابع: “والدي، الذي رفض دائما الخروج من سورية خوفاً من الموت في الغربة، سرقت الغربة روحه، وها هو يموت بعيداً عن أهله واخوته وأبنائه، ويدفن في وطن غير وطنه”. فقد توفي الجندي يوم الأحد، 2 فبراير/شباط الجاري، عن عمر يناهز الـ69 عاماً بعد معاناته من انسداد في شرايين قدمه.
وتروي “صبا” أن والدها “قبل خمسة أيام من وفاته عبّر عن شعور وقلقه من الموت هنا في غزة”. وبعد احتدام الأوضاع الميدانية في سورية نزح أعمامها إلى كل من الإمارات وقطر وتركيا وسلطنة عمان وألمانيا.
وعن أحداث نقلها الجندي إلى ابنته قبل موته، تقول: “حبس المسلحون عائلة ابن خالتي، المكونة من أربعة أفراد، في إحدى غرف منزله، ومن ثم أطلقوا النيران على الزوج وطفليه أمام الزوجة، وبعد أن أصبحت كالمجنونة، تعرضت للضرب المبرح من المسلحين مما أدى إلى وفاتها”.
وتقول “صبا” إن عائلتها كانت مستهدفة من قبل النظام السوري؛ لأنها أنشأت مستشفى ميدانيا لعلاج الجرحى في أحد منازلها. وتضيف أن “النظام السوري دمر منازلنا واستهدف سيارة والدي”.
ومنذ بداية الثورة السورية منتصف مارس/ آذار 2011، وصلت إلى قطاع غزة، المحاصر إسرائيليا منذ أكثر من سبع سنوات، 14 عائلة سورية. ويجدد مشهد وفاة السوري حسن الجندي معاناة السوريين في غزة كونها “الضريبة” الجديدة التي يدفعها السوريون بعيداً عن أوطانهم، وتضاف إلى معاناتهم الاقتصادية في القطاع، الذي يقطنه حوالي 1.8 مليون نسمة.
ومكتفيا بكنية “أبو يوسف”، يقول أحد السوريين في غزة، إن معاناة السوريين في القطاع “تعيد إلى أذهانهم معاناة الفلسطينيين الذين هجروا من ديارهم عام 1948 إلى مناطق فلسطينية ودول أخرى”. ويمضي قائلا إن “وضع العائلات السورية التي تقطن غزة صعب، نظرا لحالة الفقر في القطاع وقلة فرص العمل”. ويشير إلى أن “الحكومة المقالة في قطاع غزة منحت السوريين فرص عمل حكومية مؤقتة”، مطالبا إياها بـ”تحويلها إلى وظائف دائمة”.
|