ظهور السياح الجهاديين بالشرق الأوسط
الجمعة, 18 أبريل 2014 01:38

يمر العالم العربي-الإسلامي حاليا بتغيرات كبيرة، فالشرق الأوسط لم يكن يوما ما مكانا يخضع للتوازنات، بل كانت تحكمه الدوافع الدينية والاقتصادية والإقليمية، فضلا عن طموحات جنوب العظمة التي أصابت حكامه. أثار هذا التغير اضطرابات عنيفة في الدول العربية

المصطنعة التي أقيمت على أنقاض الإمبراطورية العثمانية، وهو ما يجعلها تنهار أمام أعيننا.

الفوضى التي أنشأها الربيع العربي نجم عنها وقوع عدة دول عربية تحت هيمنة جماعة الإخوان المسلمين وحماس أو «سياح» جهاديين من أنحاء مختلفة.

هؤلاء كانوا السبب فيما آل إليه مصير الملايين في العراق وأفغانستان واليمن ومصر وسوريا، وباتوا الآن يهددون دولا أخرى في الشرق الأوسط وإفريقيا، ليس هذا فقط، بل يوجهون أنظارهم ناحيتنا في الوقت الراهن.

من وجهة نظر إسرائيلية، فإن بعض الدول العربية المجاورة، التي حكمها في السابق طغاة إسلاميون أو مستبدون في حقبة ما قبل الربيع العربي، كان من السهل ردعها، لأن قيامها بإطلاق أعمال عدائية ضد إسرائيل تقابلها إجراءات انتقامية ضد الدولة نفسها وضد المواطنين، الأمر الذي يهدد نظاما حرم هؤلاء المستبدين.

إن أساس قوة الردع هذه لا تزال قائمة وفعالة بالنسبة لأطراف كحزب الله وحماس والبرنامج النووي الإيراني. ظهور «السياح الجهاديين» على ساحة الشرق الأوسط كأحد الأشكال الجديدة للأنظمة المسلحة في الأراضي المجاورة يشكل تحديا لمفهوم التحذير والردع والقرار الذي يتم التوصل إليه بممارسة القوة العسكرية إلى جانب الجهود الدبلوماسية، كما أشار إلى ذلك توماس شييلنج في كتابه «السلاح والنفوذ».

هؤلاء «السياح» هم في العادة أفراد مسلحون غير معروفي الهوية وينحدرون إلى مناطق الصراع من مناطق مختلفة حول العالم. وهم في الغالب مختلفون مع بعضهم البعض ومختلفون مع النظام، فهم يقتلون ويسرقون ويغتصبون «باسم الإسلام».

هؤلاء المسلحون الجدد لا يتمتعون بأي انتماء وطني سواء على المستوى الفردي أو القبلي مع رعاياهم، ولا يتوقعون أي رد فعل تجاه عدم الانتماء هذا. لأنهم ببساطة يتغذون على آلام هذه الشعوب.

بالتالي فإن «سائحا جهاديا» قدم إلى سوريا أو أراضي السلطة الفلسطينية (إذا ما تم التخلي عن الحدود مع الأردن) سيشعر بالأمن النسبي من العقاب والانتقام في إطار إجراءات الردع التقليدية، أكثر من أي إرهابي فلسطيني، والذي يعمل داخل قبيلته وعائلته في الأراضي الفلسطينية. حفل تاريخ العرب بكثير من إراقة الدماء من قبل.

فقد شهدت حقبة ما قبل الإسلام (الجاهلية) صراعا بين القبائل التي تقاتل بعضها، وكان مفهوم الثأر هو العامل الوحيد الذي أسس آلية ردع قبلية. عندما ظهر النبي محمد، دخلت القبائل التي تحولت للإسلام في صراع مرير ضد بعضها «باسم الإسلام».

ظل مفهوم الثأر الرادع باعتباره مفتاحا للتعايش القبلي والسلامة الشخصية سائدا بعد تحول القبائل من الجاهلية للإسلام.

عدم وجود هوية «للسياح الجهاديين» في مناطق الصراع وحقيقة كونهم بعيدين عن قبائلهم وعائلاتهم، يعطيهم رخصة لقتل خصومهم والمدنيين على حد سواء والإفلات من دون عقوبة. أظهر رد فعل الغرب على التحديات الأمنية الناجمة عن طريقة عمل العالم الإسلامي- العربي نقاط ضعف أثناء تقييم عمليات كالربيع العربي.

حقيقة الأمر أن أفعال قادة المعارضة أو السكان قائمة على «حالة ذهنية» تنطوي على المعتقدات الفلسفية للقائد، وكذلك الأحداث الوطنية والتاريخية والدينية التي تكون بمثابة بوصلة له، كما أن هذه الأحداث تعد عناصر أساسية في تحقيق أفكاره.

في غياب أطر دولة في الدول العربية المجاورة، تصبح ثمة حاجة لجمع المعلومات الاستخباراتية واتخاذ إجراء عقابي فردي ضد هؤلاء المجرمين. لا تزال التقييمات الخاطئة لتطورات الأوضاع في الشرق الأوسط قائمة على «صورة طبق الأصل» من القيم والأخلاق التي لا تتطابق مع الواقع.

هؤلاء الذين يطالبون إسرائيل بإطلاق سراح قتلة ويمارسون مبدأ «التناسبية» هم في الحقيقة يحاولون حرمان الدولة اليهودية من قدرتها على تحقيق النصر والردع ضد التهديد المتزايد.

الشيء الوحيد الذي ربما يردع «سائحا جهاديا» هو القضاء عليه شخصيا أو جمع معلومات استخباراتية عن عائلته وهو الشيء الذي يمكن أن يثير الرعب في داخله.

فيديو

البحث