دوتشية فيلة ـ أضحت ظاهرة الجهاديين الأوروبيين الذين يسافرون للقتال في سوريا تثير قلق الدول الأوروبية بشكل متزايد. وفيما يتهم الأوروبيون تركيا بعدم اتخاذ إجراءات لمنع هؤلاء من العبور عبر أرضيها ترى تركيا أن أصل المشكلة يبدأ من أوروبا.
منذ بداية الأزمة السورية لم تصبح تركيا مجرد الملاذ الآمن لنحو مليون لاجئ سوري فحسب بل وتحولت إلى محطة عبور مهمة للراغبين في الذهاب إلى سوريا من أجل “الجهاد” هناك. وتشير التقديرات إلى أن عدد الجهاديين القادمين من أوروبا يتراوح بين 2000 إلى 5500 شخص.
وتواجه تركيا انتقادات في هذا الصدد بسبب عدم قيامها بالخطوات الضرورية للتصدي لهؤلاء الجهاديين. وكانت منظمة “هيومان رايتس وواتش” فقد انتقدت في تقرير لها في تشرين أول/أكتوبر 2013 السلطات التركية واتهمتها بالسماح للمقاتلين بالسفر إلى شمال سوريا وكذلك بنقل المال والسلاح عبر أراضيها. وذكر التقرير أن الجرحى من هؤلاء يتلقون العلاج في تركيا.
يرى عثمان بهادير دينسر خبير العلوم السياسية بمؤسسة الأبحاث الإستراتيجية الدولية ومقرها أنقرة أن الجهاديين الأجانب لا يمثلون خطرا على المنطقة فحسب، بل وعلى العالم أجمع، ويوضح في تصريحات لـ DW :” الأشخاص الذين يأتون من الغرب إلى سوريا من أجل المشاركة في الحرب ينغمسون في أيديولوجيا متطرفة من ناحية، كما أنهم يتلقون من ناحية أخرى تدريبات قتالية. وعندما تنتهي الحرب سيعود هؤلاء إلى بلدانهم وسيشكلون تهديدا كبيرا للعالم”.
تساؤل عن دور البلدان الأصلية للجهاديين وترفض الحكومة التركية الاتهامات الموجهة لها في هذا الصدد والتي تحملها مسؤولية مخاطر الجهاديين. وفي تصريحات لصحيفة “حريات” اليومية قال وزير التجارة والجمرك حياتي يازغي:”يترك الأوروبيون الجهاديين يسافرون من بلادهم ثم يطلبون من تركيا منعم من السفر لسوريا”، مضيفا أن هذا التصرف ليس سليما إذ يجب علاج الأمر ومنع هؤلاء من السفر من البداية.
في الوقت نفسه تشير التقارير الإعلامية التركية إلى الإجراءات التي تتخذها السلطات التركية ضد الجهاديين ومن بينها رفض دخول أربعة آلاف شخص للأراضي التركية بعد تصنيفهم كعناصر إسلامية متطرفة.
ووفقا لتقرير حكومي فقد اعتقلت السلطات العام الماضي 1100 أوروبي وأعادتهم إلى بلادهم للاشتباه في كونهم من العناصر المتطرفة. ووفقا لتلك التقارير الصحفية فإن معظم هؤلاء جاءوا من ألمانيا وبلجيكا وفرنسا وهولندا.
صعوبة ضبط الحدود والتعرف على الجهاديين “عندما يقف جهاديون أوربيون بجواز سفر بريطاني على الحدود ويمكنهم الدخول دون تأشيرة فدخولهم لتركيا مسألة يسيرة. لا يمكن لموظف الحدود العادي أن يكتشف بنظرة واحدة ما إذا كان يقف أمام إرهابي أم لا”، كما يوضح عثمان بهادير دينسر، الذي يضيف: “يتعين على الاتحاد الأوروبي اتخاذ إجراءات للقبض على المشتبه فيهم قبل السفر.
هذه ليست وظيفة تركيا”. يسافر دينسر كثيرا عبر الحدود السورية التركية ضمن مشروع علمي بعنوان “حدود الكرم” بهدف متابعة تدفق اللاجئين السوريين ويقول:”نتكلم هنا عن حدود بطول 900 كيلومترا ومن الصعب على تركيا وضع كل سنتيمتر هنا تحت المراقبة”. ويشير خبير العلوم السياسية بمؤسسة الأبحاث الإستراتيجية الدولية، إلى وجود مهربين يمكنهم إدخال الناس إلى سوريا ثم إخراجهم منها.
ويوضح دينسر أنه يتدفق إلى الحدود التركية يوميا مئات وأحيانا آلاف اللاجئين السوريين بعضهم لا يمتلك جوازات سفر أو وثائق رسمية ويدخلون تركيا عبر المهربين وهي حالات لا يمكن للسلطات فيها تحديد ما إذا كان هؤلاء ينتمون لجماعات متطرفة أم أنهم مجرد نازحين من بلادهم بسبب الأوضاع الصعبة.
جذور المشكلة ليست في تركيا تقول سيسيل باكاكي اليتوك، أستاذة العلوم السياسية المختصة في شؤون الهجرة بجامعة سابانجي باسطنبول، إنه لا يمكن لأي دولة تحمل المسؤولية الكاملة بشأن تنقل الجهاديين.
وتوضح الخبيرة السياسية أن تركيا تتبع سياسة حرية التنقل دون تأشيرة مع سوريا مما يعني أن الحدود مفتوحة وهي نفس السياسة التي تتبعها تركيا مع العديد من دول الشرق الأوسط ولن يمكنها غلق أبوابها أمام اللاجئين السورين لأسباب إنسانية.
وتضيف اليتوك في حوار مع DW:”الاتحاد الأوروبي من ناحيته يترك تركيا وحدها في خضم إشكالية اللاجئين ثم يشكو بعد ذلك ويقول إن تركيا ليست حذرة بالقدر الكافي..الحل يتمثل في تقسيم المهام”.
وتوضح اليتوك أن الترحيل لن يحل مشكلة الجهاديين التي يتطلب حلها من خلال اجتثاثها من جذورها “وهي غير موجودة في تركيا” بحسب رأيها.
|