للنصر ألف أب والهزيمة لا أب لها/ الشيخ ولد العربي
الاثنين, 02 يونيو 2014 23:55

altهكذا يقول التاريخ وهكذا يقدم للأجيال دروسه الوعظية ..لا أحد يتبنى الهزيمة ولا أحد يقف منتصبا ليعلن مسؤوليته عنها ..الهزيمة إبن غير شرعي الجميع يهرب من عاره والجميع يتنكر للحظات مداعبة امه ، لكن أمام الإنتصارات الكبرى يكثر الآباء ويكثر الأدعياء .. نوع من الرجال يقف في المنتصف بين الهاربين وبين 

المدعين لأنه من يصنع اللحظة بحلوها ومرها ، والتاريخ حافل بالنوع الأول من الرجال أدعياء الإنتصارات والهاربن من مسؤولياتهم عن الإنتكاسات .

القليل في التاريخ هو اولئك الذين يعلنون مسؤليتهم الكاملة عن الهزيمة ويقدمون الأوراق ويمارسون النقد الذاتي وكشف الحساب ويقدمون ما لله لله وما لقيصر  لقيصر .

فعلها في تاريخ الإنسانية رجل فارع اسمه جمال عبد الناصر حين وقف في عز الهزيمة واعلن تحمله لكامل المسؤولية وبدأ في كشف الحساب ، وفي حالتنا الوطنية فعلها رجل نبيل اسمه أحمد ولد يحي عندما اعلن في اول لحظة لخروجنا من التصفيات تحمله لكامل المسؤولية ، وهو الموقف الرجولي الكبير والذي يستحق منا كل إعتزاز وله ننحني . لكنه يستحق أيضا علينا كمتابعين وكجماهير بعضا من التحليل وبعضا من التبسيط للتاريخ وللناس ، هل يكفي أن يعلن ولد يحي تحمله لمسؤولية الهزيمة لنرتاح ، وهل الهزيمة حالة لحظية تسبب فيها ولد يحي ، أم هي تراكم لعجز بنيوي راكمته رياضتنا الوطنية لسنوات طويلة ولعوامل مختلفة تداخل فيها الفساد الإدراي بضعف الأداء بغياب اللاعبين بفقدان الطواقم التدريبية بإنتشار السماسرة وفتح دكاكين إرتزاقية على حساب الرياضة وتشكل طبقة نفعية تقتات على حساب الرياضة وعلى حساب الفريق الوطني .

لسنا هنا امام سرد تاريخي بغية التجني او بغية البحث عن تبريرات وقتية تخفف من وقع الشحن ومن وقع الصدمة التي ربما أصابت البعض ولهم كامل الحق في ذلك .لكننا أمام هذا الكلام وأمام ربما هذا السرد لكي لانكون من أولئك الذين يهربون من الهزيمة وهم من زرع هرموناتها وجيناتها ولانكون من أولئك الذين يتبنون النصر وهم اكثر من قطع الطريق أمام فرسانه وعرقل مسيرتهم ، محاولين أن نكون من النوع الذي يمارس النقد ويسعى للبناء وللخروج من تبعات الهزيمة وآثارها .

عندما وقف ولدي يحي يتحدى الشمس ويتحدى الخفافيش ويزرع الأمل لم نكن معه لم نقف بجانبه تركناه وحيدا على نرجيلة الملعب الأولمبي المتهالكة يناجي ربه ويقبض على الجمر وحده ، وعندما نجح في الخطوة الأولى وبدأت المسيرة نحو الألف ميل ونحو الاوسمة والنياشين ظهرنا جميعا وركبنا كلنا الموجة وعلقنا جميعا النجمة والهلال وتحول عرقه لنصر مشترك وتضحياته لعمل جماعي كلنا شركاء فيه وكلنا فاعلون فيه، لم نسائل أنفسنا عن واقعنا الرياضي قبل ولد يحي وفي أيام ولد يحي ، لم نتصالح مع ذواتنا المنهكة من إخفاقات الرياضة وطعنات سماسرة الرياضة ، لم نطهر جسمنا الرياضي بالكامل وسمحنا بزرع الأشواك في الطريق وسمحنا بطعن الرجل بالحراب ورميه بالسهام وفتح النار عليه وأكل لحمه ، لم نقف معه بالقدر الكافي لبناء إنتصار وصنع أمل ، لم نقف معه بالقدر الكافي لصنع التجربة وحماية الحلم من الخفافيش والكوابيس الجاثمة والمتربصة والتي لاتتقن إلا التحرك في الظلام وقطع الطريق امام القوافل .

وككل المسيرات وككل المشاريع تنتكس مرة وتنهض مرات انتكس ولد يحي ، وحين أنتكس تخلينا عنه لأن السقوط من أعلى تنتج عنه صدمة أقوى ونحن وصلنا بطموحنا إلى الأعلى ، دون ندرك أن الطموح حصان جامح ، والعقل لجامه والعقل هنا أن نفتح الحساب ونتسائل عن الأسباب الحقيقية ونتوقف عن نقاش النتائج لانها تحصيل حاصل للأسباب التي نتجاهل جميعا لكي نرفض تحمل جزئنا من الهزيمة ومن العجز ، تخلينا عن ولد يحي بسرعة البرق لاننا لم نكن معه بل كنا مع أمل يحمله وننتظر منه أن يصنعه وإن صنعه سنرقص معه وإن أخفق سنستقبله بالبيض الفاسد ، إن المصارحة تقتضي الإعتراف بأن هذا هو منطقنا وهو تمثلنا لتجربتنا الرياضية ليس الدافع لاوطنية لدينا لكن بسبب تجربة مريرة مع المتاجرين بالرياضة ومع باعة الأوهام ما أنتح في النهاية فقد أي امل في أقدام لاعبينا وفقد أي حلم بمشاهدة علمنا يرتفع في أي إستحقاق رياضي .

ولد يحي أعاد هذا الأمل وأعاد إنتاج الحلم بنهضة رياضية لكن النهضة كما يخبرنا التاريخ لايمكن أن تكون مشروع فرد مهما كانت قدرات هذا الفرد .. النهضة أي نهضة مشروع مجتمع يشعر كل أفراده بملكيتهم التامة لهذا المشروع ومساهمتهم فيه والتفافهم جميعا حوله ، والتحدي به من أجل الوصول ، وماحدث من هزيمة ومن خروج من التصفيات هو رسالة يجب علينا الإنتباه لها ،والإلتفاف حول حلمنا والدفاع عنه والتحدي في سبيل تحقيقه والوقوف مع الرجل الذي نذر نفسه لهذه القضية

ساعتها يكون الكلام مباحا حول النجاح أو الإخفاق وتكون القدرة على النقد والجلد محمية بقدر كبير من الموضوعية ومن العدالة في التعاطي مع الأشياء .. إلى ذلك الحين سنتمسك بولد يحي وسنقول له خذ الحلم بقوة ونحن معك ولتعش الخفافيش ماعاشت تقتات على عادتها من لحوم الشرفاء .

 

 

 

فيديو 28 نوفمبر

البحث