الإعلام "الهاوي"...من عثرة "كيدال" إلى سقطة "أبو ظبي"
السبت, 24 مايو 2014 19:35

البشير عبد الرزاقلم يكد حبر الخبر المتعلق بزيارة الرئيس ولد عبد العزيز، لمدينة كيدال المالية يجف، حتى تقاطرت التدوينات الفجة من كل حدب وصوب، لتقحم هذا الحدث في صراع سياسي محلي، لا ناقة له فيه ولا جمل. 

وطبعا لم يكن التلفزيون العمومي ليبقى بمعزل عن هذه الموجة الحماسية، بل استدعى كل تقاليده العريقة والعتيقة في التطبيل والتزمير، وأتحفنا في "الثامنة" بتقرير مطول قال فيه: إن الرئيس زار كيدال و"القنا يقرع القنا وموج المنايا حولها متلاطم".

ثم قبل منتصف الليل بقليل، قطعت "الموريتانية برامجها لتبث ما قالت إنه خبر عاجل، قبل أن يتبين لاحقا أن الأمر يتعلق بمؤتمر صحفي، عقده ولد عبد العزيز صحبة نظيره المالي قبل ذلك بساعات طويلة، ولاكته الألسن الإعلامية وعلكته حتى لم يبق من طعمه شيء. ولعل هذا ما جعل تلك المذيعة المسكينة، التي رمى بها حظها العاثر في الأستوديو، تجاهد كثيرا لكي تكتم ضحكتها، وهي تقرأ ذلك "الخبر الظاهرة".

هذا التعاطي "الهاوي" مع جهود الرئيس لحلحلة الأزمة المالية، جعل هذا الحدث الذي كان يفترض أن يظل في خانة النجاحات الكبيرة، التي حققتها موريتانيا في مأموريتها الإفريقية، يتحول إلى مادة دسمة للسجال السياسي المحلي الخليع.

وطبعا لم يتأخر رد المعسكر المناوئ طويلا، وجاء في صيغة خبر رديء السيناريو والإخراج طبخ على عجل، مفاده أن الجالية الموريتانية في أبو ظبي اكتشفت فجأة مساء ذلك اليوم، بأن أسرة الرئيس بصدد بناء برج هناك، وكأن الدور جاء على جالياتنا في الخارج لتتحول هي الأخرى، إلى غرف لصناعة الأخبار العاجلة جدا.

يا أخي، لو أنهم قالوا لنا إن أسرة الرئيس ستشتري شققا أو ستبني فللا أو حتى قصورا، لكان بالإمكان أن نصدقهم، لكن أن يتعلق الأمر ببناء برج "حته وحده"، على رأي إخواننا المصريين، فهذا يعني أن المسألة فيها "إن".

وبصراحة لم يكن ينقصهم سوى أن يضيفوا إلى خبرهم الخارق للعادة ذاك، بأن البرج المنتظر سينافس برج "خليفة" الشهير، حتى تكتمل نكتة أبو ظبي. هذه الموجة الإعلامية الهابطة، التي طفت على السطح سريعا مساء أمس السبت، تعيد إلى الأذهان نلك الأزمة العميقة التي يعيشها الإعلام الموريتاني منذ فترة، بعدما أحكمت مجموعات من الهواة سيطرتها عليه، وحولته إلى مكب لنفاياتنا السياسية.

--------------------------------

من صفحة الأستاذ البشير عبد الرزاق على الفيس بوك

فيديو 28 نوفمبر

البحث