عندما يضرب الإرهابُ الجزائرَ سوف يمر إلى المغرب أيضاً | 28 نوفمبر

إعلان

عندما يضرب الإرهابُ الجزائرَ سوف يمر إلى المغرب أيضاً

أحد, 03/20/2016 - 19:09

ضيف حمزة ضيف

منذ أن انشأت التنظيمات الجهادية والإرهابية وحتى النضالية،  هدفها الأول دائماً،  هو حيازة أكبر مساحة من الإعلام . التنظيمات تعتد بالسرية في تركيبها ونوعية تأسيسها وحتى نمط استراتيجيتها ابتداءً،  قبل أن تُفصح عن هدفها ومقصدها بشكل عام،  ثم تمر إلى خطتها الثانية وهي الظهور الدائم في الإعلام باعتبارها “قوة” فارقة،  تمتلك صفتيّ الحزم والحسم . وربما من سخرية القدر أن تنتقل هذه التشكيلات بشتى أوصافها ومراميها إلى ما يُعرف بـ “الحروب الحداثيّة” أو “الحروب اللاتماثليّة” حيث تتقاطع مع حروب العصابات،  من حيث قيامها على تشتت الولاء والتواجد،  والافتقاد إلى رسمية معينة أو جغرافيا ضيقة .

طبّق تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” ذلك،  مستعيناً بهذه الاستراتيجيّة دون قصد بالضرورة،  لاسيما أننا بتنا أمام صياغة تعاريف مختلفة للفوضى،  في محاولة لقراءتها قراءة تتسم بالدقة،  وبالتالي يكتسي التنظيم بعداً تنظيمياً دون إرادة منه .

ما فعله تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” من استهداف فاشل من ناحية النتائج،  على منشأة الغاز في منطقة “الخريبشة – المنيعة” قريباً من ولاية “غرداية” الجنوبية أمس الأول،  يدخل ضمن هذا الإطار الذي يهدف له هذا التنظيم،  أولاها بيان وجوده كقوة يمكنها الظهور في مظهر الحاسم والقادر على الضرب في المناطق الأكثر أهمية في الجزائر،  ثم تالياً : الاستفادة من شغور أي منصب إرهابي كامل النصاب في المنطقة المغاربية الغربية عموماً “الجزائر،  موريتانيا،   المغرب،  الصحراء الغربية”،  محاولاً سدّ الفراغ،  ومتيقناً بأن الإعلام مستعد تماماً لتغطية أي حدث من نوعه،  سواءً كان نوعياً أو بدائياً،  لإعادة النظر في مدى استقرار الشقّ الغربي للمغرب العربي،  وبهذا تخطئ المغرب لو ظنّت أنها بمنأى عن أي تهديد من شأنه،  أن يمسّ أراضيّها،  ذلك أن التنظيم مؤهل لكي يفرض هذه النظرة الشاملة لجميع بلدان المغرب العربي،  دون أن يمتلك المؤهل الحربي واللوجيستي حتى يفعل هذا .

الجيش الجزائري الوطني،  يحارب على جبهة واحدة،  مزدوجة التواجد،  فما بين تونس ذات الحدود السائلة لأسباب تتعلق بحسن الجوار وللعلاقات التاريخية مع الجزائر،  وبين ليبيا،  التي تصطكّ فيها كل أشكال الأدوات القتاليّة بما تلقاه تلك المليشيات من دعم يبدو غامضاً حيناً ومعلوماً أحياناً،  سوف يكون على الدولتين “الجزائر والمغرب” تأجيل خلافاتهما بشأن الحدود والصحراء الغربية،  بما يكتسيه هذا التأجيل في أقل الحالات سوءاً ؛ ضرورة كبرى،  إذّ إن ذاك الخلاف على ما فيه من شد وجدب،  ربما درّ بعض الفائدة في جانبه الخفي،  فقد انشغل النظامان على حل تلك المسألة العالقة بما يساعدهما على الخلوّ التام،  لإبداء المواقف حيال المشرق الملتهب،  وفي نفس الصددّ،  تتبدّى المواقف الانتقامية من رفض الجزائر تصنيف ما عُرف بـ “الاجماع العربي” على وصم “حزب الله” بـ “المنظمة الإرهابية”،  ذلك “الإجماع″ الذي يشبه الفم الذي يتأهب للعضّ على مواقف صلبة دون أن يمتلك أسناناً حادة .

والحال أن ما استعمله التنظيم من قذائف غالباً ما كانت تسمى بـ “الهباب” كما أشار أحد الخبراء،  ليست جديدة على القاموس الجزائري في تحديد نوعها،  فهي قذائف تقليدية الصنع،  تفتقد إلى عنصريّ الدقة والتمدد الأفقي حال سقوطها،  وبالتالي لا غرو أن تصبح “الطرطشة” حولها أكبر من فاعليّتها،  بيد أنها ترقى لأن تصبح عملية إرهابية تثير حولها زوابع إعلاميّة كبرى .

ما يمكن حمله بشكل جدّي،  هو الاستهداف المبرمج لنقاط الاقتصاد الجزائري،  بخاصة تلك المنشآت النفطية والغازية،  التي تعاني الدولة جرّاء انخفاض أسعار النفط من تهلهلها من جانب غير تنظيمي،  وإنما اقتصادي بحتْ،  وبالتالي وجب أكثر من أي وقت مضى،  ضرورة الإتحاد “جزائري/مغربي” لصدّ أي ما يمكن أن يساهم في زعزعة الأمن والاستقرار بين الدولتين،  وإن ظنّت المغرب أنها بمنأى عن التهديد في هذا الزمن المنفتح على أكثر من جبهة،  تصبح خاطئة تماماً،  لذا لا مجال للحماقة على الإطلاق في هذه الفترة بالتحديد .

كاتب جزائري

[email protected]