ركن الفتوى- 28 نوفمبر: رجل شك هل طلق زوجته أم لا، وكان قبل ذلك طلقها مرتين، فهل تحرم عليه بهذا الشك أم لا؟ الجـــــــــــــــواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه؛
وبعد: فإن مجرد الشك في وقوع الطلاق لغو لا يوجب الفراق، لأنه من قبيل الشك في المانع والشك في المانع لا يؤثر، قال في المنهج:
الشك في المانع لا يؤثر في كطلاق وعتاق يذكر
وقال ابن أبي زيد -من العتبية-: "روى عيسى عن ابن القاسم فيمن شك في طلاق امرأته أن لا يطلق عليه" ، وفي البيان والتحصيل " أن من شك هل طلق زوجته أم لا؛ لا شيء عليه عند ابن القاسم ".
وقال الشيخ محمد عليش: "والشك في الطلاق شك في حصول المانع من استصحاب العصمة والشك في المانع لا يوجب التوقف بوجه... قلت من تأمل وأنصف علم أن الشك لغو مطلقا" .
وقال أبو الضياء في المختصر:"ولا يؤمر إن شك هل طلق أم لا، إلا أن يستند وهو سالم الخاطر كرؤية شخص داخلا شك في كونه المحلوف عليه".
و في شرح الرحمة لمحمد مولود بن أحمد فال اليعقوبي: "أن ما في المتن من لغو الشك في الطلاق رواه غير واحد عن ابن القاسم وعنه أنه يؤمر بالفراق بلا قضاء ثم قال فقد بنوا هنا على قاعدة لغو الشك في المانع لأن الأصل عدمه، ولم يراعوا الاحتياط في الفروج واعتبروا الاحتياط في الطهارة لسهولتها ".
وفي الميسر: تنبيه الفرق بين الشك في الطلاق والشك في الحدث إنما هو من جهة العصمة والوضوء لأن الوضوء شرط في الصلاة فالشك في رفعه شك فيه فلا يصلى به لأن الذمة لا تبرأ بما شك فيه، والعصمة لا يفعل بها غيرها فليست شرطا فيما تبرأ به الذمة فتبقى على الأصل ولا ترفع بالشك إذ لا يرفع به اليقين .
وفي كَنون عن القلشاني بعد ذكره اعتبار الشك في نقض الطهارة وإلغائه في الطلاق ما نصه: "وأما الزوجة فقد حصلت استباحتها بالعقد الصحيح قطعا فلا يرتفع ما ثبت فيها من تيقن الإباحة إلا بتيقن الطلاق" .
وقال ابن جزي( الفرع السابع: الشك في الطلاق): "فإن شك هل طلق أم لا لم يلزمه شيء وإن حلف بالطلاق ثم شك هل حنث أم لا أمر بالفراق وهل هو على الوجوب أو الندب، وإن تيقن الطلاق وشك في العدد لم تحل إلا بعد زوج خلافا لهما".
وقال ابن شاس: "وللشك حالات؛
الحالة الأولى: أن يشك هل طلق أم لا ولم يستند شكه إلى أصل فلا يلزمه الطلاق ولا يؤمر به؛
الحالة الثانية : أن يستند شكه إلى أصل كمن حلف ثم شك هل حنث أم لا وكان سالم الخاطر فإنه يؤمر بالفراق وفي كونه على الوجوب أو الندب قولان؛
الحالة الثالثة: أن يتيقن أنه أوقع الطلاق على زوجته ويشك فلا يدري كم طلقها أواحدة أو اثنتين أو ثلاثا فلا تحل حتى تنكح زوجا غيره ".
وقد نص على هذه الحالة خليل بقوله:"وإن شك أطلق واحدة أو اثنتين أو ثلاثا لم تحل إلا بعد زوج" .
والفرق بين هذه الحالة وبين قوله: "ولا يؤمر إن شك هل طلق أم لا..." أن الأول شك في وقوع الطلاق والثاني تيقن أنه طلق زوجته وشك هل أعطاها واحدة أو اثنتين أو ثلاثا، فالأول شاك في وقوع الطلاق ، والثاني متيقن وقوع الطلاق شاك في عدد ما تحقق وقوعه.
وبناء على ما سبق فإن السائل الذي شك في إيقاع الطلاق وعدمه لا يلزم من شكه ذلك طلاق، وزوجته التي سبق منه تطليقها مرتين فقط لم تحرم عليه.
والله المـــوفق.
المجلس الأعلى للفتوى والمظالم