من هو «الزفزافي» الذي هددّ العرش في المغرب ؟ | 28 نوفمبر

من هو «الزفزافي» الذي هددّ العرش في المغرب ؟

خميس, 01/06/2017 - 02:43

تصاعدت التطورات «الدراماتيكية» في احتجاجات الريف المغربي ، مع اعتقال ناصر الزفزافي قائد حراك الريف، والذي يمثل «ظاهرة» مغربية في زمن ما بعد ثورات الربيع العربي .. وعقب اعتقال الناشط المغربي،  إنخرط مساء أمس الثلاثاء، أصحاب المقاهي والمحلات التجارية بمدينة «الحسيمة»، في إضراب جزئي عن العمل، إستجابة لدعوات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعوهم إلى إغلاق محلاتهم تضامنا مع معتقلي الحراك الاجتماعي بالمدينة.

اعتقال « الزفزافي» أثار ردود فعل واسعة داخل الأوساط السياسية والإعلامية في أوروبا، ونشرت صحيفة تراو Trouw الهولندية، تقريرا عن اعتقال الزفزافي بعنوان «اعتقال قائد احتجاجات الريف المغربي»، وأشارت إلى أن ناصر الزفزافي، الوجه الأبرز لاحتجاجات شمال المغرب، اعتقل بعد شهور من الحراك وأن السلطات وجهت له تهمة عرقلة حرية العبادات. . بينما كتبت صحيفة AD  :« إن 20 ناشطا بالإضافة إلى قائد حركة الاحتجاجات ناصر الزفزافي، قد اعتقلوا من لدن السلطات المغربية، وأن الزفزافي  «قاد حركة احتجاج ضد الفساد والقمع»

 

محاصرة «الزفزافي» بالاتهامات

وأوضح الكاتب والمحلل السياسي المغربين كمال الخمليشي، أنه بعد حادث مسجد «ديور الملك» بالحسيمة، إبّان خطبة الجمعة يوم 26 مايو /آيار 2017، التي اعتبرَتْ حراكَ الريف «فتنة»، انطلق – عشيّة نفس اليوم – بوقٌ من الأبواق الببّغائية المحسوبة على الدولة العميقة، وخرج ببلاغ يكيل للزعيم ناصر الزفزافي شتى أنواع الاتّهامات والأوصاف وكأنّه من كبار المجرمين، رغم أن الزفزافي، لم يُعلن قطّ «الحربَ» على الدولة ولا على النظام القائم، وإنّما أعلن حربه دائماً وأبداً على الفقر والجهل والمرض والبطالة الضاربة أطنابها في الريف منذ الاستقلال، والجميع يعلم أنّ من يحارب هذه الآفات إنّما يحارب في نهاية المطاف التطرّف والإرهاب بكلّ أنواعه.. وأضاف « الخمليشي»، إنّ حركة الزفزافي – في حالة الاستجابة فعلاً لمطالبها – سوف تقي المغرب مصائب وكوارث لا يعلم خطورة عواقبها إلاّ الله.

حراك الريف .. أول تجربة بعد الربيع العربي

ويرى المحلل السياسي المغربي، سمير شوقي، أن حراك الريف هو أول تجربة، بعد الربيع العربي، يخوضها المغرب في معالجة الأزمات الاجتماعية ويواجه فيها موجات غضب شعبية، وبالتالي يعتبر تمرينا مهما لاختبار تدبير الأزمات واستخلاص العبر،  فتدبير الأزمة كان ضعيفا منذ اندلاع شرارتها  الأولى، إبان مقتل  بائع السمك محسن فكري، بحيث لمس تهاون من طرف السلطات المحلية في التعاطي مع أولى صرخات الغضب. وقد كان لافتا النبرة المتعالية التي خاطب بها عامل إقليم الحسيمة المعتصمين وسط المدينة، ثم امتناع الوالي التوجه إلى عين المكان قبل أن يفعل ذلك بتعليمات مركزية وبعدما انفلت العقد.

 

من هو «الزفزافي» ؟

وقال سمير شوقي، إن المثير في حراك الريف هو نوعية الخطاب الذي يُلقى أمام جماهير الغاضبين، و التحول الراديكالي في الخطاب السياسي للتظاهر، حيث خرج شاب ريفي بلغة شديدة اللهجة تدغدغ مشاعر ساكنة الريف و يذرفهم إلى الشوارع ليس فقط للمطالبة بحقوق اجتماعية واقتصادية، بل للتصدي للمؤسسة الحاكمة و الفساد الإداري .. ولكن هل يعي المواطن الريفي البسيط مصير هذا الخطاب الزفزافي المنفلت؟ هل يستطيع المغرب فعلا الآن تحمل تصدعات ربيع عربي جديد لا أحد منا، بما في ذلك الاستخبارات، تستطيع تكهن مخرجاته؟ من هو ناصر الزفزافي حتى “يزفزف” المغرب حكومة وشعبا بلغة لا علاقة لها بالسياسة و تقاليد الحوار السياسي؟ و من هم قادة الحراك الشعبي في الريف ؟ هل تشارك أحزاب وجماعات إسلامية في الحراك بشكل غير معلن؟ هل أصبحنا اليوم أمام نوع جديد من الحراك الشعبي بدون قيادة؟

 

ولد ناصر الزفزافي عام 1978 بمدينة الحسيمة شمالي المغرب بحي الميناء وهو حي شعبي، وينحدر من أسرة محافظة، ومن عائلة سياسية تقلد بعض أفرادها مناصب في عهد قائد الثورة ضد الاحتلالين الإسباني والفرنسي ما بين 1921 و1926 المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي. وينتمي الزفزافي إلى قبيلة آيت ورياغل التي تعتبر إحدى أهم قبائل الريف، وهي قبيلة الخطابي نفسها.. وتوقف الزفزافي عند مستوى التعليم الثانوي، وعمل في مهن بسيطة، حيث اشتغل في قطاع الحراسة الأمنية الخاصة، وافتتح محلا لإصلاح الهواتف المحمولة اضطر لإغلاقه بعد تلقيه إشعارا بضريبة تقدر بستة ملايين سنتيم مغربية (نحو ستة آلاف دولار)، واشتغل بالقطاع الفلاحي.. وحرص الزفزافي على المشاركة في احتجاجات سابقة بمنطقة الحسيمة المغربية، وعرف محليا بكونه ناشطا سياسيا في وسائل التواصل الاجتماعي، غير أن نجمه لمع في ما عرف بحراك مدينة الحسيمة إثر مقتل بائع السمك محسن فكري يوم 28 أكتوبر/ تشرين أول 2016. وفكري هو بائع سمك مغربي، صار اسمه أشهر من نار على علم حينما أثار موته بطريقة مأسوية سحقا داخل شاحنة لجمع النفايات في مدينة الحسيمة أثناء مصادرة شحنة سمك غير مرخصة، موجةً كبيرة من الحزن والغضب في مناطق مغربية عدة.

تطورات دراماتيكية،

ما حدث في الريف المغربي، شهد تطورات دراماتيكية، بحسب تعبير الكاتب والسياسي، توفيق بو عشرينن رئيس تحرير صحيفة أخبار اليوم المغربية، بعد أن نفد صبر الدولة على حراك الريف، ودفعها الخوف من تمدد رقعة الاحتجاجات إلى مدن أخرى إلى إخراج الحل الأمني، الذي ظل مستبعدا من إدارة الأزمة لمدة ستة أشهر، وكانت النقطة التي أفاضت الكأس هي انتقال الاحتجاج من الفضاء المدني في الشارع إلى الفضاء الديني في المسجد، حيث لم تعتد الدولة المنافسة في هذا الفضاء الرمزي الذي تحتكر فيه السلطة الكلمة والقول في الدين وفي السياسة معا، لهذا سارع وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية إلى إصدار بلاغ ناري يعتبر ما وقع في مسجد محمد الخامس في الحسيمة سابقة من نوعها، واعتداء على حرمة المساجد، وبعده تحرك الوكيل العام للملك معلنا الأمر باعتقال ناصر الزفزافي بجنحة تعطيل العبادات

 

تأثير ثلاثة متغيرات في المغرب 

وأضاف «بوعشرين»: إلى أين ستقود هذه التطورات الدراماتيكية؟ ستقود إلى مزيد من الاحتقان والغضب وعدم الثقة في وعود الدولة، سواء انطفأت الحركات الاجتماعية مؤقتا، أم اشتعلت أكثر. في كلتا الحالتين، الاعتقال والسجن والقانون الجنائي والبوليس والدعاية في التلفزيون وفي المساجد… كلها أساليب قديمة لم تعد تنفع في المغرب، أمام ثلاثة أنواع من المتغيرات حدثت في العشر سنوات الأخيرة، ومنها:

1ـ سقوط جدار الخوف في نفوس المواطنين، نتيجة تجذر الأزمة الاجتماعية والاقتصادية من جهة، ونتيجة ارتفاع الطلب على الكرامة والحرية والعدالة ..2 ـ سقوط كل أنواع الوساطات التقليدية بين الدولة والمواطن (الأحزاب، النقابات، الجمعيات، المنتخبون، الأعيان)، وهذا ما فتح المجال لبروز جيل جديد من الزعامات غير متحكم فيه.. 3 ـ  بداية نهاية تحكم السلطة في المجال العام، وضعف قبضة الداخلية على الحراك الاجتماعي والسياسي الذي اتسع كثيرا، فأصبح عصيا على التطويق من جهة، ومن جهة أخرى أصبح هذا الحراك ذكيا يعتمد وسائل تعبئة خارج نفوذ وتحكم الدولة (مواقع التواصل الاجتماعي المحمولة في هواتف الجيب)

الغد..