لمن يسلم الرئيس الأسد السلطة؟ |
الأحد, 12 يناير 2014 02:14 |
ألفت عناية القارئ الكريم، الى ضرورة الفصل بين قراءة سياسية أوتحليل وضع يحتملان الخطأ كما يحتملان الصواب، وبين معلومات واقعية تنقل بأمانة، هذه الأخيرة لا يمكن وصفها بالخطأ وإنما إن كان من اعتراض عليها، فليكن بمعلومات أخرى تنفيها، غير ذلك فإنكار المعلومة ليس أكثر من مكابرة لا تغير من واقع الأمر شيئا، وهنا كما من قبل في صحيفة “القدس العربي” كنا نتحرى جهدنا، صحة المعلومة ومدى واقعيتها، ولا نعتمدها عرضا أوأداة تحليل وقراءة ما لم نتأكد منها، حرصا على المصداقية والتزاما بأمانة الدور المنوط بنا ومسؤوليته، فضلا عن احترام القارئ الذي هومن صميم احترام الذات . لعل القارئ يذكر تلكم الموجة الإعلامية الهادرة منذ عامين، عبر فضائيات عربية واسعة التغطية قوية التأثير في الرأي العام، أبطالها من المعارضة السورية، يجزمون صبح مساء بأن القصر الرئاسي محاصر في دمشق، وأيام سقوط العاصمة باتت معدودة، في تلكم الموجة العالية كنا نقول بأن الخبر لا أساس له من الصحة، ودمشق قطعا ويقينا لن تسقط، لم يكن رأيا ولا قراءة ولا تمنيات كما وصفها خصومنا حينذاك، بل كانت معلومات ميدانية واقعية نقلناها بأمانة، ماذا يرى المتابع اليوم؟ هل سقطت دمشق أم تم الاستيلاء على القصر الرئاسي؟ أينا كان يقدم للمواطن العربي الحقيقة كما هي؟ وأينا كان يبيع أوهاما وأماني؟. بعد تواصلنا المباشر بأعضاء من الاتلاف الوطني عند إعلان نشأته، وبحثنا في مواقفه المعلنة وما وراء الكواليس والغرف المغلقة، قلنا لقرائنا أن هؤلاء الإخوة لا علاقة لهم بالعمل السياسي ولا الأهداف الوطنية، ويفتقرون لرؤية جامعة عميقة نحوسورية الوطن، فضلا عن انعدام المسؤولية والشعور بها حيال الشعب، ولا يملكون قدرة على قراءة نتائج مواقفهم وغير ذلك، بل شخصيا علمت من بعضهم وبشكل مباشر عدم استعدادهم لتحرير الجولان ولا حتى الخوض في موضوعه، ولا حاجة يرونها لإعلان عدائهم لإسرائيل، قلة مستثناة كالأستاذ هيثم مناع، واتهمنا يومها بالجهل والعمالة، وبعد حولين كاملين من رضاعة مال الفساد وممارسة شبه سلطة في فنادق خمس نجوم بين أغلى عواصم العالم، يخرج أحد رؤساء الاتلاف أحمد معاذ الخطيب وأهم الشخصيات التي كانت تدعي غير تقييمنا، بذات رأيينا تفصيلا دقيقا مذهلا في حوار له مع مجلة “شباب سورية المستقبل” 01/03 (على صفحته الشخصية)، رئيس آخر وشخصية بارزة من تيار فكري مخالف للأول، السيد برهان غليون يصف حال هذا الاتلاف:” كشفت حركة الانسحاب الجماعي لأكثر من أربعين عضوا في الائتلاف، من دون إعلان أوحوار مسبق أوتفسير، عن أخطر ما تعانيه النخبة الجديدة الطامحة للحكم من المرض العضال الذي خلفته سياسة الحكم القائم وتربيته، أعني: انعدام روح المسؤولية، وغياب مفهوم الوطنية والمصلحة العمومية، مقابل استفحال روح المصلحة الخاصة وحب الذات والقتال الأعمى عن المطامح الشخصية وفرص الظهور. وهوالمرض الذي دمر سورية ولا يزال يدفع بأبنائها إلى المحرقة حتى اليوم”.(على صفحته الشخصية 01/09). إنكار الحقيقة هذه حين أعلنّاها في وقتها، لم يغير من واقع أمرها شيئا، وها هم القوم أنفسهم يقرّون بصحتها غصبا. هل يصدق عاقل الآن أن كيانا بهذه الحال، ورجالا يصفهم رؤساؤهم ولسنا نحن بتلكم الصفات، همهم فعلا سورية قوية وعادلة ؟ إن عنوان “سورية ديمقراطية” مجرد شعار كاذب، تختفي وراءه أهواء ومصالح وسياسات إقليمية وأهداف دولية كادت أوتكاد تفتك بكيان سورية، وها هي مكوناته تحارب بعضها بعضا في اسبانيا وبالأمس في إسطنبول، ويتهم بعضهم بعضا بأبشع التهم مؤسسة على وثائق وشهادات، شأنهم شأن الجماعات المسلحة التي تقاتل على أرض سورية، شعار عريض جامع “الخلافة الاسلامية” لكن حبل الكذب قصير، فهاهي اليوم تتقاتل فيما بينها ويذبح بعضهم بعضا، ويهدر كل منها دم صاحبه بالأمس، بل ويُكفّر كل منهم الآخر، والمعادلة المنطقية تنتهي بنتيجة واحدة وهي: إذا صدّقناهم جميعا فكلهم بالمحصلة، بناء على أحكام قادتهم كفار وقتالهم من أجل السلطة لا الاسلام. ختاما في ظل هذا الواقع المأساوي لما يدعي النظام الدولي بأنه الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري، من تناحر وتبادل للاتهامات وتراشق لفظي عنيف، يجتر القوم قبل جنيف 2 شعارا وهميا آخر، وهوضرورة تسليم الرئيس بشار الأسد السلطة، شخصيا أرى في المطلب السريالي هذا تغطية غير شرعية لاستدامة الأزمة في سورية، ومشجبا خياليا يعلق عليه رجال الاتلاف عجزهم ووهنهم، كسبيل وحيد يدر عليهم مزيدا من الأموال، ويبقيهم على ساحة الاعلام والشهرة، وحبل يربطهم بالشخصيات السياسية الرفيعة، لكن دعوني أسلم بأن كل المعلومات السابقة الذكر خاطئة، وعليه كل قراءة تعتمدها مجانبة بالضرورة للصواب، يبقى سؤال جدي يفرض نفسه: من يستلم السلطة؟ الاتلاف منهار مشرذم مشتت متناحر، والجماعات المسلحة التي لا تقر ولا تعترف بالاتلاف، هي ذاتها دخلت في حرب طاحنة وجودية بامتياز، إذن: لمن يسلم الرئيس بشار الأسد السلطة؟.
اسماعيل القاسمي الحسني فلاح جزائري. |