الإتحاد من أجل الجمهورية..كل أسباب الهزيمة!!! / با صمبا علي |
الاثنين, 13 يناير 2014 17:19 |
لا يحتاج المرء لكثير بحث وعناء، ولا لعميق تفكر وتدبر ليكتشف بنفسه التراجع الكبير وغير المتوقع لشعبية الحزب الحاكم في موريتانيا، ليس فقط بالمقاييس الشعبية والانتخابية وإنما بالموازين السياسية والاستيراتيجية البعيدة أيضا.. فالحزب الذي يمتلك موارد مادية وبشرية هائلة ـ مقارنة ببقية الأحزاب المشاركة ـ والحزب المؤهل منطقيا وفعليا لحسم أهم المناطق والتجمعات الانتخابية الكبرى وجد نفسه ـ أكثر من مرة ـ خارج دائرة الصراع الانتخابي والتنافس السياسي، صِفْرَ اليدين حتى في مناطق كان يحسبها محسومة سلفا لصالحه دون أدنى ريب أو تردد.. هذا الواقع غير المتوقع نزل صعقا على مناصري الحزب قبل هيئاته القيادية، واستدعى كل علامات الاستغراب والدهشة لدى المحلل الخبير، قبل أن يرسمها على محيى المراقب البسيط، والمواطن العادي.. من باب تدثير الجراح وإخفاء الندوب سيقول الحزب ـ في خطابه الرسمي والشعبي ـ أن فقدانه لبعض المناطق الحيوية في البلاد واندحاره أمام بعض الأحزاب المغمورة في دوائر عدة ليس إلا آية على نزاهة الإقتراع واستقلال الدولة ووعي المواطن، لكن الخوف كل الخوف هنا، أن يتسلل هذا الخطاب التبريري ويتحول، فتطيش سهامه لتعود إلى أصحاب القرار داخل الحزب أنفسهم، العارفين بخفايا وزوايا الملفات والمسئولين أولا وأخيرا عن نجاح سياسات الحزب وإخفاقاته..الخوف كل الخوف أن يظن هؤلاء أيضا ـ بحكم تكرارهم للحكاية ـ أنها محض الحقيقة وعين الصواب..!!! عشية تسمية حزب الاتحاد لمرشحيه على كامل أرض الوطن، ارتفعت الأصوات في أكثر من مكان منددة طورا وشاجبة حينا ومنسحبة في أحايين كثيرة، لكن كل تلك الاعتراضات والاستصراخات لم تزد الحزب إلا إصرارا وتعنتا وجمودا، على موقف عده الكثيرون استفزازا واضحا للنخب والقواعد الشعبية على حد السواء. مضى الحزب في خياراته الانتقائية والزبائنية ولعبت الصداقات والعلاقات الشخصية وأواصر القربى والرحم في رسم سياسة الحزب، أكثر بكثير مما لعبه الاستحقاق النقدي والإصغاء المتأني لمطالب الجماهير ورغباتها.. قدم الحزب لوائح تشبه إلى حد كبير جردا موسعا لأسر وعائلات المتنفذين داخله، واذا اقتصرنا على مستوى العاصمة نواكشوط وحدها نرى كيف أن الحزب لم يقدم سوى شخصيات مغضوب عليها شعبيا أوسيئة الصيت إعلاميا واجتماعيا تارة، وشخصيات صفرية الوزن مغمورة الذكر تارة أخرى، في تناغم عجيب بين أقصى الفشل وأدناه.!!! في بلدية دار النعيم استطاع أحدُ رجالات الحزب والدولة أن يقنع المعنيين بترشيح شقيقه ـ وهو شاب حديث السن والخبرة السياسية ـ قٌدِّمَ للحزب على أنه طوق نجاة وعصى سحرية ستحسم السباق الانتخابي في الساعات الأولى، لكن الحقيقة أن هذه الشخصية عينها هي من ستقصى وتمحى من السباق في الدقائق الأولى ربما.. أما في مقاطعة السبخة فإن العمدة السابقة، وعقيلة الجنرال وعضو مجلس الشيوخ الحالية رابي حيدرا تمكنت ـ بفعل فاعل ـ من إقناع الحزب بترشيحها لمأمورية جديدة رغم فشلها الذريع في إدارة البلدية ورغم تهم الفساد الكبيرة الموجهة إليها وإلى فريق عملها، ورغم أن منزلها في السبخة كان يشبه إلى حد كبير نموذجا مصغرا لميدان التحرير المصري لكثرة ما تقاطر إليه من المواطنين الغاضبين الساخطين.. زعمت العمدة المذكورة أنها تمتلك 152 وحدة قاعدية أي ما يعادل حوالي 12.000 ناخب، بيد أنها لم تحصل في نهاية المطاف على ربع هذا العدد المزعوم..الأمر الذي جعلها وحزبها تندرا للمتندرين..!!! وكانت حملة الميناء، التي أدارتها سيدة نيابة عن بعلها، مثالا صارخا على سوء الإدارة والتسيير والتلاعب الجهري والعلني بأموال ومقدرات الحزب، وهو ما انعكس بشكل سيئ على نتائج مرشحيه. هذه الأمثلة البسيطة وغيرها تشكل دليلا واضحا وبرهانا صارخا على حجم التلقائية والفوضوية التي تسود وتحكم قرارات مصيرية وحاسمة في حزب يفترض أن ينتهج نهجا الحصافة والاتزان والجدية واليقظة في كل خطوة وكل قرار. قد يشكل الاعتراف الشجاع بهذه المشاكل أول الطريق إلى حلها أو على الأقل التقليل من مضاعفاتها حاضرا ومستقبلا، بقدرما قد يشكل التمادي فيها أو إعادة إنتاجها بطرق أخرى، وفي مناسبات قادمة آخر إسفين في نعش حزب يرى كثيرون أنه ـ ربما ـ وُلِدَ ميّتا منذ أول يوم.!!! |