النظرية"المونتبيليلية".. أخيرا تحققت نبوءة ولد أبيليل
الجمعة, 31 يناير 2014 15:45

altليست الطيور فقط هي التي على أشكالها تقع .. بل إن النظريات على أشكالها تقع أيضا .. لقد سقطت اليوم نظرية من اهم النظريات الناظمة للحياة السياسية في العالم وسيكون العزاء مفتوحا في كل مكان على وجه الأرض وستقام مراسيم الحرق

 

على الطريقة الهندوسية "للفقيدة" في ساحة البرلمان الموريتاني . لا أحب ان يحكي لي أحد بعد اليوم عن فصل السلطات او عن العقد الإجتماعي ولا أحب ثرثرة المتشدقين بعلاقة وهمية مع الراحل "مونتسكيو".. مونتسكيو لم يعد يعني شيئا في أدبيات الفكر السياسي ولم يعد حضور نظريته بذلك الزخم لقدرتها على البناء الديمقراطي ، وقدرتها في ذات الوقت على التفكيك الإجتماعي في البلدان الهشة والبلدان اللانامية وبلدان العالم العاشر حسب "ولد محم"و"ولد ببانه"أهم رواد النظرية"المونتبيليلية"وهي النظرية التي ستخلف النظرية "المونتسيكية" المتفحمة في تصدر التفكير السياسي الإنساني ، وسيتولى محمد محمود ولد جعفر نشر النظرية وتعميمها كنموذج عالمي .

يقولون إن أدبيات الفكر السياسي أدبيات عامة ومجردة تنتجها الإنسانية عبر تراكمها الطويل ومحاولتها للإنتظام من عهد الرومان إلى اليوم ،ولاتتمتع بحصانة عن الإستغلال إلا في حدود كل خصوصية إجتماعية لمجتمع معين ، وهاذا ما أفرزه البرلمان الموريتاني الأخير في تطبيقه للفصل بين السلطات ، وهو مالم يعه المسكين"مونتسكيو" حيث اهمل في الفصل ادارة شئون البلاد وهذا ياخذ عليه،ويحسب لرواد النظرية"المونتبيليلية"، فــ"البرلمان "الجهة التشريعية المسؤولة عن تشريع القوانين ، و"الحكومة" المسؤوله عن تنفيذ القوانين المشرعه من البرلمان.

قد يشتبكان فيما بينهم لإختلاف الرؤى او المشارب او التوجهات فكانت النظرية"المونتبيليلية" تقتضي تجاوزا للعجز الواضح في النظرية "المونتسيكية" المتفحمة ، ان تحال الحكومة عند التقاعد إلى البرلمان ويحال الجيش عند التقاعد إلى البرلمان والمحصلة في النهاية برلمان من رجال السلطة ومن أقطاب ورموز الدولة العميقة مع بعض التوابل المهمة لتزيين أي فلكلور سياسي ولبناء هامش وهمي لتعزيز مصداقية أي تصور سياسي،وتتيح النظرية تجاوز أي إمكانية للإصطدام بين الحكومة والبرلمان أو بوجه آخربين الحكومة والحكومة . التطبيق الفعلي للنظرية بدأ خلال الإنتخابات الموريتانية الأخيرة، وأثبتت النظرية فعاليتها عند التطبيق إذ تم تجاوز فصل السلطات بالمنطق الكلاسيكي الحاد المعروف تاريخيا ، وتم الفصل عبر النظرية"المونتبيليلية"، وهو فصل مرن يمكن السلطة التنفيذية"الحكومة" من الإستحواذ على السلطة التشريعية "البرلمان" وجعلها قطاعا إداريا من قطاعاتها مثل مصلحة الأشخاص في إدارة الأمن، او مزرعة شخصية مثل الحرس الرئاسي او مثل إدارة الوثائق المؤمنة ، وهنا تبرز أهمية النظرية وفعاليتها لكن تبرز أيضا وبصدق نبوءة محمد ولد ابليل الذي تنبأ قبل سنوات بالقصة حين قال في إحدى محطاته المهنية بأن "الرجالة الا اثنين هو ول اكردير".

 

كلام ولد ابيليل ذلك الصباح من حكم العقيد الطيب ولد الطايع ليس واقعيا لأنه لم يكن يومها الرجل الوحيد القوي بحكم تشتيت ولد الطايع لمراكز القوة بين عدة أقطاب يضرب بعضها ببعض ويستقوي ببعضها على بعض ..لكن مقولة الوزير كانت "ولاية"منه بماسيحصل هذه الأيام حيث أصبحت القوة في الدولة عند رجلين لاأكثر.

أحدهما ولد عبد العزيز المالك لقوة ناعمة مهمة اكتسبها من تراكمه الفكري وقدرته على التنظير في جدليات الدولة والدين والدولة والعلمانية والديمقراطية وقدرته على مغازلة مشاعر الجماهير ، والقوة الثانية قوة خشنة يمتلكها ولد أبيليل الذي اعتلى رئاسة الجمعية الوطنية وهو العارف بحكم تجربته الطويلة في الداخل الموريتاني وفي الداخلية قبل سنوات بكل النواب الموجودين ومصادر دخلهم وملفاتهم الخاصة وحتى علاقاتهم النسائية وقادر في أي لحظة أن يتذكر أنه وزير داخلية وانه يمتلك في دهاليزه كل الملفات وانه له الحق في رفعها في وجه من يريد .

ولد أبيليل ليس رجلا من طينة ولد بلخير بخطاب شعبي هذبته سنوات التهميش والإقصاء والمعارضة والتكوين الطويل في السياسة ..ولد أبيليل نوع آخر تخرج من دهاليز المخزن ومن بيروقراطية فرنسا العتيقة ،وينتمى لجيل الرواد في اللاديمقرطية واللاتشاور واللارأي جيل من اهم أعلامه "المرابط سيد محمود ، الداه ولد عبد الجليل ، جبريل ولد عبد الله ، وأي محاولة لدمقرطة مثل هذا النوع هي محاولة فاشلة لأن الخيول لاتنس الصهيل والأســود لاتنسى انيابها والطيور الكاسرة لايمكن ان تصبح حمائم وديعة .

وان كانت هناك من نصيحة أسديها اليكم في زمن النظرية"المونتبيليلية"، فهي أن لاتجلسوا الى موائد هاذ البرلمان ولاتستمعوا لمداخلات النواب من التجاروقطاع الطرق واللصوص والمهربين والهاربين.. لأنه لن يكون في خطابهم إلا التمسح بسيدهم ونظامه .. ولن تغرف آذانكم الا مرقا من دم الوطن وعرق أبنائه.. ولاتحاولوا أن تستمعوا لدورس الوطنية والإيمان ممن لايعرف الفرق بين نون الوطن ونون "الناتو"، ومابينهما نون الخيانة .. ونون النفعية .ولا تستمعوا الى دروس الديمقراطية ممن لايعرف الفرق بين قاف الديمقراطية وقاف الصفقات.. تحياتي وطيب الله أوقاتكم في زمن ولد ابيليل أقوى الرجال وإلى الرماد يا"مونتسكيو".

 

الشيخ مزيد