التربية فهم يا أستاذ ألاك (رد على تدوينة منشورة في الموقع) |
السبت, 08 فبراير 2014 22:15 |
لقد إضطلعت و ببالغ الحسرة و المرارة على ما تناقلته بعض المواقع الإلكترونية و وسائل التواصل الإجتماعي من فعل قام به أحد الزملاء المدرسين في ألاك حيث نشر على وجه الإستغراب و الدهشة و التشهير حدثا تربويا عاديا جدا متعارف عليه و صوره على أنه كارثة عظمى , و الحقيقة هي أن في الأمر كارثة عظمى لكن أين تكمن تلك الكارثة؟ إن ما قام به هذا المدرس من تضخيم و تشهير بإحدى طالباته المراهقات هو في حد ذاته كارثة بكل المقاييس إذ لا ينسجم و مهمة المدرس الذي من المفروض أن يكون دوره في هذه الحالة تماما كدور الطبيب الذي يحترم المريض و يكتم سره و يداوي سقمه بحيطة و حذر و بأقل قدر من الآثار و التبعات بما يصون له كرامته و يحفظ نفسه و إنسانيته.
و إذا ما نظرنا لهذه الحادثة من منظور تربوي محض نجد المدرس الذي الذي لا يتفهم أحوال طلابه بل و يقوم بتضخيم و إشاعة أحداث تربوية عابرة تتعلق بمتغيرات "فيزيوسيكولوجية" لأبناءه من الطلبة و لا يستر عيوبهم على أساس النصح و التوجيه المبني على الثقة المتأصلة و الإحترام المتبادل إنطلاقا من مرتبته العالمة لا يدرك عظيم الرسالة المنوطة به و خصوصية المهنة و لا يحسن التعامل مع الأمانة و تأديتها.
من المهم جدا أن يدرك أي مدرس أن مهنته لا تقتصر على كم من المعلومات هي في أغلبها ناقصة تتخللها ثغرات بفعل الوسائل المتواضعة و الظروف القاهرة بل تتعداها و بشكل ملح إلى فهم حاجات الطالب النفسية و السلوكية و أنه مطالب بتقويم الإنحراف و تصحيح المسار و تعديل الأخلاق و صنع الإنسان الصالح الناضج القادر على الفعل الإيجابي المتمسك بالسطر الحيوي , الشيء الذي يجب أن يحدث في هدوء و سكينة دون العبور إلى الخصوصيات المفرطة خاصة تلك المخفية منها.
هذه الحادثة بما تخللها من تشهير بهذه الطالبة و عرض صور من خصوصياتها و متعلقاتها اليقظة يحمل في طياته صورة قاتمة لما وصل إليه حال المدرس في أيامنا هذه من فقدان لجوهر الرسالة و سيطرة العجز التربوي.
يجب أن تكون التربية ركيزة العمل التعليمي , فتصرفات هذه الطالبة لا تخرج بأي حال من الأحوال عن المألوف من تصرفات الطلاب المراهقين في سنها و مرحلتها , فالمراهقون يخوضون و بشكل مفصل في أحلام اليقظة لديهم بشكل طبيعي تحت ضغط المتغيرات الفيزيولوجية و النفسية الطارئة , الضاغطة , إضافة إلى الحافة الإنتقالية بين الطفولة و البلوغ. إن السلوك الذي ذكره المدرس عن الطالبة في حملته للتشهير بها كان و لا يزال معروفا في أوساط طلاب اجيال مختلفة و ليس بدعة , فقد كان الطلاب ومازالوا يتداولون إستمارات خطية ينقلها بعضهم عن بعض بشكل صبياني حول تصور عن صديق أو زوج أو أبناء أو نجاحات و غير ذلك مما يأملون في المستقبل في محاولة للهروب من المرحلة العمرية الإنتقالية التي يعيشونها بشكل طبيعي. و عليه فإن فعل هذه الطالبة ليس بالصورة السوداوية التي صوره بها المدرس , و قد يلحق الطالبة شديد الأذى النفسي من فعل هذا المدرس الذي على ما يبدو لم يوفق في التعامل مع الموقف بشكل إيجابي حيث قام بإقتحام خصوصيات الطالبة بشكل عدائي من المنظور التربوي بما يؤدي لإنتفاء المثل الأعلى. إن دل هذا الفعل على شيء فإنما يدل على مستوى الخلل الكبير في إختيار و إعداد المدرسين الأكفاء القادرين على تغيير الواقع دون صراخ و لا صخب و لا خدش للحياء و المشاعر.
الأستاذ : حمزه محفوظ المبارك. |