"وفي الليلة ِ الظلماءِ يفتقدُ البدر "
الثلاثاء, 28 يناير 2014 12:06

نبأ أتاني مخرس للساني ###### ما ذا عسى أن تنطق الشفتان..  بهذا البيت افتتح شيخي العلامة محمد سالم ولد عدود مرثيته لقطب زمانه سليمان ولد الشيخ سيديا معبرا عن عجزه عن التعبير عن اللحظة ، بيت لم أجد أحسن منه للتعبير عن حالة العجز عن التعبير التي أعيشها بعد سماعي

بخبر تحويل زميلي وصديقي المفوض محمد الامين ولد عمي من مدينة ألاك ، واستعداده لموسم الهجرة إلى الغرب "نواكشوط " .

لدي الكثير من ما أريد قوله عن الرجل "المثالي " لكن البنان لا يسعف ..فما أعرفه من شمائل الرجل لا يمكن أن تسطره الأقلام ولا تحتويه الصحف ... قبل ثلاث سنوات تعرفت على المفوض "الاستثنائي " في أقصى الشرق الموريتاني وفي مدينة النعمة تحديدا ، حيث جمعتنا الغربة هناك ، فتآلفت قلوبنا بعدما تعارفت "وكل غريب للغريب نسيب " .

فرقتنا صروف الدهر لتجمعنا من جديد في قلب وطننا الحبيب وفي مدينة ألاك تحديدا حيث حولنا إليها بتفاوت ، فازدادت الألفة وكبر الإعجاب ... سنة ونصف أمسك فيها المفوض العصا من النصف ، حيث نجح في إدارة ملفات أمنية معقدة بالمدينة منها على سبيل المثال لا الحصر : 

ــ قبضه على خمسة سجناء من ذوي الأحكام المؤبدة فروا من سجن ألاك على حين غرة من الحرس . ــ اعتقاله لعصابات كانت تمتهن سرقة المحال التجارية بمدينة ألاك وتقوم بعمليات سطو على السيارات .

ــ واستطاع المفوض أن يعبر فترة الانتخابات بسلام رغم حساسيتها وشدة الاستقطاب السياسي المحلي بها ، حيث كسب قلوب الحزب الحاكم دون أن يغضب المغاضبين والمعارضين . ــ وفي السنة والنصف نظمت بمدينة ألاك مهرجانات ثقافية سيطرت فيها الشرطة على الأمن ، كما شاركت في إطفاء حرائق شبت في المقاطعة .

ــ وفي عهده تم تفعيل نقاط التفتيش وغابت مظاهر كبيرة من سياسة الارتزاق التي كثيرا ما اتهم بها أفراد الشرطة . ــ حفظ المفوض لصاحبة الجلالة حقها "الصحافة " حيث أجبر كل من سولت له نفسه المساس بأصحابها على الخضوع للقانون . وقبل أن تكتمل المسيرة جاء التحويل ليتركنا محمد الامين على أبواب انتخابات رئاسية بحاجة إلى من يعرف قواعد اللعبة بلا إفراط ولا تفريط "وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر " . كأن لم يكن بين الحَجُونِ إلى الصفا  أنيسٌ ولم يَسمُر بمكَّةَ سامِرُ كل هذا أقوله لأول مرة في حق شخصية عمومية وهو ما قد يفسر بأنه تملق ، لكن عزائي أن كثيرين يعرفون أن التملق ليس من شاني ، وأن العلاقة التي تربطني بالرجل خالية من شوائب التزلف والمادية ، وأدران الدعاوى الجاهلية ، فهي وحسب شهادة حق أكتبها نيابة عن المواطن البسيط ، والمدينة النائحة ، والدكاكين المنهوبة ، وأفراد الشرطة العزل فالجميع يقولها بلسان الحال وإن عجز عن التعبير عنها بلسان المقال .

وفي والختام أستعير هذه الأبيات من المتنبي لأختم بها هذه التدوينة : قد زُرْتُهُ وَسُيُوفُ الهِنْدِ مُغْمَدَةٌ  وَقد نَظَرْتُ إلَيْهِ وَالسّيُوفُ دَمُ فكانَ أحْسَنَ خَلقِ الله كُلّهِمِ  وَكانَ أحسنَ ما في الأحسَنِ الشّيَمُ يَا مَنْ يَعِزّ عَلَيْنَا أنْ نُفَارِقَهُمْ  وِجدانُنا كُلَّ شيءٍ بَعدَكمْ عَدَمُ إذا تَرَحّلْتَ عن قَوْمٍ وَقَد قَدَرُوا  أنْ لا تُفارِقَهُمْ فالرّاحِلونَ هُمُ شَرُّ البِلادِ مَكانٌ لا صَديقَ بِهِ  وَشَرُّ ما يَكسِبُ الإنسانُ ما يَصِمُ

----------------

من صفحة الاستاذ عبد المجيد ولد ابراهيم