خبراء: اعتماد الحلول الأمنية والعسكرية لا يكفي لحل الأزمة في مصر |
الأربعاء, 01 يوليو 2015 18:49 |
اتفق خبراء سياسيون وأمنيون مصريون، الأربعاء، على أن التطورات التي تشهدها الساحة المصرية حاليا، تتطلب اعتماد حلول أخرى سياسية ومجتمعية إلى جانب الحل الأمني والعسكري. يأتي ذلك على خلفية اغتيال النائب العام المصري، هشام بركات، أمس الأول الاثنين، في عملية استهدفت موكبه، وما أعقبه من تفجيرات وهجمات مسلحة في بعض المحافظات، وانتهاء بهجمات مسلحين على نقاط تابعة للجيش والشرطة في سيناء، لا زالت مستمرة حتى (14:30 تغ). وحذر الخبراء من أن يؤدي “الغضب” من تداعيات الأعمال الأخيرة إلى “التعسف” وتغيب صوت العقل. وقال “حسن نافعة” أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، معلقا على هذه الأحداث، إن “النظام المصري يفتقر إلى رؤية سياسية للتعامل مع الأزمة الحالية ويعتمد فقط على التعامل الأمني وهو أمر خاطئ”. وأضاف في تصريحات للأناضول أنه “كان من المتوقع أن تسعى كل قوى المعارضة إلى إثبات وجودها مع حلول ذكرى الـ30 من يونيو /حزيران، وإثبات أنها قادرة على الفعل، وأظنها نجحت في ذلك، وقامت بأعمال نوعية بدأت باغتيال النائب العام ولازالت مستمرة”. واعتبر أن هذه المستجدات “خطيرة وغير بسيطة، تهدف إلى إيصال رسائل لا تقف عند الانتقام بقتل أحد رموز المرحلة (النائب العام) وإنما تتجاوز ذلك إلى إثبات القدرة على أن أيديهم من الممكن أن تطال أكبر الرؤوس في الدولة”. ورأى أن التطورات في سيناء “تؤكد أن الجماعات الإرهابية تملك إمكانيات عالية، وأنه قد وصلها إمدادات كبيرة، وربما تكون سيناء قد تحولت إلى محزن للسلاح منذ سقوط النظام الليبي”. وأكد أن “التعامل مع الجماعات المسلحة في سيناء لا يمكن إلا أن يكون تعاملا عسكريا وبالسلاح، بينما لابد من حلول سياسية في التعامل مع قوى المعارضة الأخرى كجماعة الإخوان المسلمين”. وأبدى أستاذ العلوم السياسية تخوفه من تناول الإعلام المصري لتداعيات الأحداث وأن “يستغل ما جرى لإثارة المشاعر ودفع الأمور فى اتجاه يؤدى إلى تعميق الأزمة السياسية القائمة فى مصر بدلا من حلها”. ولفت إلى أن “عددا من وسائل الإعلام المصرية تعتمد في تغطيتها على شخصيات معروفة بعدائها الأيديولوجى لجماعة الإخوان وتدعي الولاء المطلق للنظام الحاكم، وتسعى في مشاركاتها إلى المطالبة بضرورة التعجيل بتنفيذ أحكام الإعدام الصادرة ضد قيادات جماعة الإخوان”. واستنكر “نافعة” ذلك مشيرا إلى أنه “إجراء غير دستورى وغير قانونى لن يساعد على تخليص مصر من آفة الإرهاب، وسيصب لصالح استراتيجية الإرهاب الساعية إلى إشاعة الفوضى عن طريق تعميق حدة الانقسام المجتمعى”. بدوره، ذهب “مختار غباشي” نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية (غير حكومي) إلى أن “مصر أمام حالة صراع محتدمة فشل فيها الحل الأمني وواجب أن يتم التتعاطي مع هذه الحالة بحلول أخرى إلى جانب الحلول الأمنية”. وفي تصريحات عبر الهاتف للأناضول، قال “غباشي” إنه “بشكل أو بآخر ليس بالسهولة إنهاء الصراع مالم تنته حالة الصراع السياسي الموجودة بين الأطراف السياسية الموجودة في المجتمع، سواء الطرف المدني أو تيار الإسلام السياسي”. ووصف الحوادث الأخيرة التي بدأت باغتيال النائب العام بأنها “حوادث شديدة الرسالة منها واضحة وهي أن البلاد غير قادرة أمنيا على حل الأزمة”. ومضى قائلا “نحن أمام حالة صراع وهيجان وتطرف وشماتة بين الأطراف، ونحن في أمس الحاجة إلى العقل والحكمة لمعالجة المواقف، والاجراءات الاسثنائية ليست مطلوبة كما أن الشماتة في الدولة غير إيجابية.. نحن أمام وطن في خطر وشعب متضرر بدرجة كبيرة”. وحذر “غباشي” من خطورة الحديث عن ضرورة تنفيذ أحكام الإعدام بحق القيادات الإخوانية على خلفية تطور المشهد، معتبرا من ينادي بذلك “غير مدرك لحقائق الأمور بدرجة كبيرة، كما أنه غير مدرك بأن المضي في هذا الأمر يهدف إلى استنزاف الدولة وهو غرض دولي واقليمي وهذه مسألة خطيرة”. وحول المستقبل، تابع قائلا: “إذا لم يكن هناك تعقل وحكمة وفطنة من مختلف الأطراف فأنت أمام مستقبل غامض يحمل في طياته الكثير من الأمور التي من الصعب اكتشافها الآن”. الخبير الأمني، العميد المتقاعد بوزارة الداخلية “محمود قطري”، قال إن “الفشل الأمني في مواجهة الإرهاب جاء نتيجة وضع قطاع الشرطة السيء، حيث أنه شبه منهار وبه شروخ كبيرة تحتاج إلى إعادة بناء”. ولفت إلى أن اعتماد الحلول الأمنية والعسكرية فقط في التعامل مع الأزمة الحالية “خطأ جسيم” لأن “الملف الأمني هو أحد عناصر الحل، ولابد معاودة طرح الحلول السياسية وتدخل جهات مدنية في المعادلة”. وأشار إلى أن “الغضب الناتج عن آثار العمليات الأخيرة، هو ما يدفع إلى التعسف وإعلاء صوت المطالبة بالإعدامات والحسم العسكري والأمني، وتغيب صوت العقل والحكمة” . ويرى الخبير الأمني أن “البلاد ستدخل مرحلة ضبابية وصعبة ومجهولة، وللأسف لا أحد يسمع من مؤسسات الدولة إلى نصح العقلاء، فالشرطة تزداد ضعفا وتجبرا دون أي حلول أو إجراءات لتخفيف حدة الوضع″. من جانبه قال الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء المتقاعد بالجيش “طلعت مسلم”، إن “الحوادث الإرهابية التي طالت النائب العام وسيناء خطيرة وتدل على تخطيط ودعم أعتقد أنه جزء منه من الخارج (دون تحديد)”. وفي تصريحات عبر الهاتف لوكالة الأناضول، أشار “مسلم” إلى أن “تلك الأحداث لن تزيد المصريين إلا إصرارا على القضاء على هذه العناصر الإرهابية”. ولفت إلى “وجود حلول متوازية مع الحل الأمني”، مستدركا ” لكن الجانب الآخر رافض أي حلول، كما أن هذه الحلول لا يجب أن تشمل التقريب بين المجرمين والأبرياء والجلاد والضحية”، واصفا المرحلة المقبلة بـ “الصعبة”. وتوفي النائب العام، هشام بركات، الاثنين، متأثرًا بجراحه، على خلفية استهداف موكبه في نفس اليوم، بسيارة مفخخة تم تفجيرها عن بعد، بمنطقة مصر الجديدة، شرقي القاهرة، بحسب بيان النيابة العامة. فيما سقط اليوم الأربعاء، عشرات القتلى والجرحى، من عناصر الجيش والشرطة، في هجوم نفذه مسلحون على نقاط للتفتيش بسيناء شمال شرقي مصر. الأناضول |