صحف عبرية: أولاد الجيران ضائعون
الأحد, 23 مارس 2014 01:59

عينا الطفلة الصغيرة شروق مفتوحتان واسعا تنظران الى لا مكان. عمرها تسعة أشهر. وهي تعاني من سوء تغذية ووزنها منخفض جدا بالنسبة لعمرها فهو أقل من 3 كغم. ‘ليس من المؤكد أن تبقى حية’، تقول أمها مرفت متنهدة وهي التي تحتضن الطفلة بذراعيها وتغطيها بلحف لحمايتها من البرد.

أبناء عائلة دلوم الوالدان وابناؤهما الثمانية يحتشدون منذ هربوا من سوريا في نهاية الصيف الماضي في خيمة لا تنجح في مواجهة الرياح العاتية والامطار وعواصف البرق التي تتوالى على مخيم اللاجئين في لبنان. تعلم إخوة شروق أن يدبروا امورهم ازواجا بحسب تقاسم المهمات: فالتوأمان إبنا التاسعة والنصف يخرجان صباحا لجمع الزجاجات الفارغة ونبش اكوام القمامة لأنه قد يحسن حظهما فينجحان في بيع الغنيمة المهينة لأصحاب الدكاكين.

وتتسول أختان واحدة في الثامنة واخرى في العاشرة وتهجمان على بقايا الطعام عند مدخل المخيم. ويخرج الكبيران إبنا الحادية عشرة والثانية عشرة للتجول خارج المخيم ويتبعهما أخواهما الصغيران. وهم هنا وهناك يتلقون الضرب ويردونه ايضا.

وحينما تأتي قافلة مساعدة الامم المتحدة يثب أبناء عائلة دلوم الى مقدمة الصف لجمع الرزم. مرت هذا الاسبوع ثلاث سنوات على الانتفاضة على نظام بشار الاسد في سوريا.

ونشرت منظمة اليونسيف كشف حساب مزعزعا عن ‘مأساة اولاد سوريا’: إن ربع عدد سكان الدولة، أي 5.5 مليون طفل، 4.3 مليون في داخل سوريا و1.2 مليون هربوا خارج الدولة فقدوا بيوتهم. وقتل 10 آلاف طفل في الحرب الاهلية وهرب 8 آلاف طفل تحت عمر الـ 12 وحدهم من القصف فاجتازوا الحدود الى الاردن والعراق ولبنان وتركيا ووصلوا بقواهم الذاتية الى مخيمات اللاجئين.

وهم أيتام تُركوا لمصيرهم السيء مثل 4 آلاف ولد مُحيت بيوتهم وهم يتجولون وحدهم في الطرق داخل سوريا. وهم ايضا متروكون وجائعون ومرتجفون من البرد. وتلاحظ علامات الحرب الفظيعة على الاولاد المقتلعين من بيوتهم واللاجئين.

مثلت ندى شاروني، وهي معلمة سورية، هذا الاسبوع أمام عدسة تصوير قرصنة في مدينة حمص لتعلن أنها اجتازت حاجز الخوف:

‘إن الموت الآن افضل من الحياة تحت رحمة نظام متوحش. ما الذي يستطيعون فعله بنا بعد؟ انهم يجيعون الاولاد ويمنعون عنهم العلاج الطبي، والمدارس مغلقة وهم يختطفون أبناء الـ 12 من الشوارع لتجنيدهم بالقوة للجيش. إن شبيحة النظام يداهمون البيوت وينكلون بالنساء والبنات الصغار على مرأى من العائلة.

ولا يستطيع أحد أن يعارض ذلك فهم يحرقون الأنياب وينتظرون أن ينتهي الكابوس′. حرق بسجائر مشتعلة في منتصف آذار 2011 خرجت ثلة من الفتيان من ابناء الـ 13 من اعمارهم من مدينة درعا النائية على حدود الاردن لتكتب كتابات على الجدران للمباني الحكومية.

وقد أراد الفتيان الـ 18 بوحي من الثورة التي أفضت الى تنحية رئيس تونس والمظاهرات على مبارك في مصر، أرادوا أن يقرعوا الاجراس وأن يحظوا بانتباه النظام في دمشق آملين أن يحسن ظروف العيش في البلدة الزراعية.

ورد حاكم المدينة على ذلك بعنف، فاعتقل الفتيان وحملوا في شاحنات وطرحوا في مركز الشرطة. وكانت تحقيقاتهم قاسية عنيفة وكان سكان البلدة يستطيعون سماع صراخ تألم الفتيان حتى آخر ساعات الليل.

وخرج الآباء للتظاهر أمام مركز الشرطة واتجهوا الى دمشق وارسلوا رسائل تضرع الى قصر الرئيس. ‘يا أبا حافظ’، ذكروا الرئيس بابنه البكر حافظ ابن الـ 13 الذي هو من سن افراد الفتيان المعتقلين. ‘فكر في ابنائك وتذكر أنك ملتزم بقسم الاطباء، فأعد أبناءنا’.

واوصى مستشارو الاسد ببوادر مصالحة بأن يفرج الرئيس عن الفتيان ويلتزم سكان درعا بتسكين الاضطرابات. لكنه أصر على عقاب المتمردين الصغار.

فتم الافراج عن 17 فتى بعد 25 يوم تعذيب فعادوا الى بيوتهم مجرحي الاجساد بالضربات الكهربائية وضربات الاسواط وتحدثوا عن اغتصاب ايضا.

وطرحت جثة حمزة الخطيب، قائد التمرد، عند باب والديه. واصبح هذا الولد مثل بائع الخضروات بو عزيزي في تونس وطالب الجامعة خالد سعيد في الاسكندرية، اصبح أيقونة المتمردين في سوريا. وفي حالته افرط محققوه في تنكيلهم فقد اقتطع عضوه الجنسي وظهرت على ظهره ورجليه حروق سجائر مشتعلة.

وحينما انفجر والده بصراخ الحزن عرض له شبيحة النظام قائلين ‘إنس الولد الميت ولِد جديدة واذا لم تكن قادرا على ذلك فسنحضر زوجتك ونعلمك كيف يصنعون اولادا مخلصين للنظام’.

ومنذ ذلك الحين لا ينقطع تدفق قصص الفظاعة. ‘إن جيلا كاملا في سوريا قد ضاع′، ينذر الصحفي الباحث بشير النشاشيبي الذي يتنقل بين المخيمات ويجمع الاولاد ويوثق بسلسلة تقارير لصحف عربية ولوسائل اعلامية في بريطانيا، قصصهم الشخصية.

‘إن بشار الاسد سرق من خمسة ملايين طفولتهم، والعالم صامت.

والمدارس مغلقة منذ ثلاث سنوات وجهاز التربية معطل ولا توجد رياض اطفال. فكروا في هذا: ان عشرات آلاف الاولاد السوريين لم ينجحوا في تعلم القراءة والكتابة بسبب الحرب الفظيعة’.

‘من كان يصدق ان تتحول سوريا في ثلاث سنوات الى واحد من اخطر الاماكن على الاولاد في العالم’، تقول الخبيرة بعلم النفس سلافة جبور من دمشق التي هربت قبل ثلاثة اشهر الى تركيا. ‘ان هؤلاء الاولاد مجرحون جسمانيا ومجرحون نفسيا والذين يظلون احياءً تكبر اعمارهم سريعا جدا.

‘يقلقني في الأساس حقيقة انهم خرجوا من أطر التربية، فالولد ابن الخامسة أو السادسة الذي اضطر الى حياة التنقل لا يستطيع أن يتعلم. وقد حولوا المدارس في سوريا الى مواقع اعتقال ومراكز شرطة.

وفي مخيمات اللاجئين يواجهون مشكلات لوجستية كتقديم الطعام والعلاج الطبي والثياب والمعدات، ويتجول الاولاد مدفعين بين الاقدام’. إن سيمون انغرن من اليونسيف مسؤول عن خطط اعادة تأهيل الاولاد في سوريا ومخيمات اللاجئين.

وهو يتابع من مكتبه في عمان بقلق المأساة الكبيرة للاولاد الصغار. ‘مما يؤسفني جدا أننا نتحدث عن جيل ضائع اصبح منذ ثلاث سنوات خارج أطر الدعم التي يجب على الدولة أن تقدمها لجيل المستقبل فيها.

وأنا اتحدث عن الاولاد الذين ما زالوا يعيشون في سوريا وليس لهم خدمات صحية وماء نقي وطعام وأطر تربية.

ساعطي على سبيل المثال مشكلة التطعيم من مرض البوليو. يصعب الحصول على تطعيم فالعيادات في داخل سوريا مغلقة وهرب الاطباء والممرضات الى خارج الدولة أو اتجهوا الى العمل السري، ونحن نلاحظ زيادة مقلقة في مرض البوليو بين الاولاد.

‘إن اهم شيء الآن أن نجد وسائل لعلاج صدمات الاولاد النفسية فأنا أرى في مخيمات اللاجئين اولادا عنيفين لأن هذا ما تعلموه، واولادا لا ينجحون في الاتصال بالآخرين، ونحن نحاول أن نجد بدائل عن المدارس التي اغلقت في سوريا.

وهم ما زالوا يتعلمون الى الآن في دمشق فقط وفي عدد من المدن الساحلية في منطقة اللاذقية ومدينة طرطوس.

ويحدد نشطاؤنا اماكن يمكن ان توصف بأنها آمنة نسبيا ويمكن أن تتم بها دراسة على نحو منظم بصورة ما أو اللعب في الساحة على الاقل، فالالعاب لا تقل اهمية بالنسبة للاولاد الذين يجب أن يتحرروا من التوتر.

‘نحن نحاول ان نبني جهاز تربية ومدارس في مخيمات اللاجئين لكن ذلك معقد.

فنصف اللاجئين في الاردن لا يستطيعون الوصول الى المدرسة في مخيم الزعتري لأنهم يسكنون في بيوت لجوء خارج المخيم. وفي تركيا انشأت الحكومة شبكة مدارس للاجئين داخل المخيمات لكن هناك مشكلة تجنيد معلمين يتكلمون العربية.

والوضع في لبنان هو الاصعب لأن اللاجئين موزعون في ‘مستوطنات’ بعيد بعضها عن بعض. والحل الذي وجدناه هو ان نجمع مجموعة من الاولاد داخل خيمة ونعلمهم لكن هذا صعب بسبب الوضع الاقتصادي للعائلات، فالاولاد يضطرون الى العمل ولا يسرحونهم للدراسة.

‘وعلى هذه الخلفية أثرت في قلبي تأثيرا خاصا قصة محمد ابن الـ 11 الذي هرب مع عائلته من دمشق قبل سنة الى مخيم الزعتري. فقد اجبروه بسبب الوضع الاقتصادي الصعب على الخروج للعمل رسولا ينقل السلع من المخيم الى تجار محليين ويعود بها الى المخيم. وحينما يكون له عمل يعمل من الصباح الى المساء ويحصل على دينار اردني كل يوم (خمسة شواقل).

لكن استقر رأي والداه في الفترة الاخيرة على انه برغم احتياجهم للمال فان دراسته في المدرسة أهم كي لا ينسى القراءة والكتابة فأخرجاه من العمل وضماه الى الدراسة في صف اللاجئين السوريين الملائم لعمره’.

وهرب احمد، وهو في الرابعة عشرة من عمره فقط من الجحيم في ريف من ارياف دمشق. وتفرقت عائلته فاضطر الى ان يعمل 13 ساعة كل يوم في مطعم شمالي العراق. ‘إن العمل في المطعم لا بأس به’، يقول لمحققي اليونسيف، ‘لكنني افرح بكل فرصة للعودة الى سوريا لاجتمع بعائلتي.

أنا مشتاق جدا الى الاصدقاء في الحي والى المدرسة’.

تقول م.ع وهي من قيادة منظمات المعارضة السورية، تقول لي في حديث هاتفي الى عاصمة اوروبية إنها لا تعلم كيف سيواجهون الجيل الضائع من الاولاد الذين اضطروا الى أن يبلغوا سن البلوغ مبكرا جدا دون الحصول على وسائل ودون اكتساب ادنى قدر من التعليم. ‘يقتطعون فجأة ولدا من المحيط الذي نشأ فيه، ولا يهم ما هو مستوى عيشه ويرسلونه ليصارع الحياة.

وقد رأى هذا الولد من قبل فظاعات وجثثا واولادا مقطعي الاعضاء ومقابر جماعية وسلطة تطارده بالطائرات والقذائف من الجو، وهو لا يستطيع الهرب دائما لأن مدينته محاطة بالدبابات.

‘وانشأت الحرب ايضا قلب الادوار في العائلة فهناك عشرات آلاف الآباء معتقلين أو مفقودين أو قتلوا أو اصبحوا معاقين غير قادرين على الانفاق على العائلة.

ولذلك يقع عبء ثقيل دفعة واحدة على الابن البكر حتى لو كان في العاشرة أو في الثامنة من عمره. ويدرك هذا الولد الذي فقد الاطار التربوي انه اذا لم يجد مصدر عيش فان عائلته ستتضور جوعا حتى الموت. وتصبح الغاية عنده تبرر كل وسيلة حتى العنف.

‘تعلم الاولاد السرقة والتجارة، وهم يضربون الأم التي تحاول أن تدبر شؤون البيت، ويخرجون شعورهم بالاحباط على اخواتهم الصغار. سيحكم التاريخ على بشار الاسد العنيف الذي اضطر جيل المستقبل في سوريا الى ان يصبح عنيفا بقدر لا يقل عنه. يصعب توجيه الدعاوى على الاولاد اللاجئين لأنه لا أحد يُبين لهم طريقا آخر للعيش’.

أحلام على جثث

اختطف المصور السويدي نيكولاس همارستروم مع صحفي سويدي آخر في سوريا وظل رهينة مدة شهرين. وفاز هذا الاسبوع بجائزة اليونسيف عن ‘صورة العام’، التي التقطها في مستشفى دار الشفاء في مدينة حمص. ونرى فيها البنت دانية كلسي ابنة الـ 11، جريحة تنزف بسبب قنبلة عنقودية اصابتها واصابت اخويها حينما خرجوا للعب عند باب البيت. ونرى اخاها البكر يمسك برأسها المجروح وهو جريح ايضا في انتظار الطبيب في الصف.

‘اخترت أن اصور اولادا احياء لا الجثث التي رأيتها في سوريا’، يقول المصور السويدي. ‘فقد اردت أن ازعزع العالم بالمأساة الفظيعة للاولاد في سوريا الذين يلقون في واقع متوحش.

حينما تابعت دانية الجريحة واخاها، رأيت عائلة داعمة مكتلة. لم يشتك أحد ولم تبك البنت فقد عضت على شفتيها بقوة الى أن ضمدوا الجراح’.

وسرحت دانية واخواها من المستشفى بعد ثلاث ساعات لكن مأساتهم لم تنته بالاصابة. فبعد اسبوعين محي منزلهم ببرميل متفجرات القته طائرات سلاح الجو السوري.

وتقول الشهادات انهم بقوا احياءا هذه المرة واصبحوا متنقلين معدمين في ازقة المدينة المغلقة. وجدت براءة ابنة الخامسة تتجول وحدها في شوارع حمص المقصوفة.

وكان من حسن حظها أن لقيها طارق الحفناوي وهو عامل في اليونسيف في اثناء هدنة نادرة اعلنت لحاجات انسانية في الشهر الماضي. قال: ‘كانت هذه البنت ضائعة فحملتها بين ذراعي الى أن وجدت أباها’. وقد قتلت أمها قبل ذلك بيوم بقذيفة راجمة صواريخ. في مخيمات اللاجئين ايضا في خارج بلدهم لا تدع الذكريات والمشاهد الفظيعة الاولاد.

‘احلم على الدوام بان احدا يأتي ليقتلني’، يروي مروان ابن التاسعة الذي يسكن مع أمه واخوته في مخيم اللاجئين الزعتري، وحينها اغمض عيني بقوة وادعو الله الا يحدث أي شيء سيء’.

وتصر فاطمة ابنة العاشرة على ان تجيب بنفسها عن اسئلة المحققين. ‘دعيني اتكلم’، تقول صائحة بأمها التي تحاول أن تصف مشاعر البنت. لكن حينما تبدأ فاطمة الحديث يتكسر صوتها وتحدق عيناها الى فضاء الخيمة في مخيم اللاجئين في الاردن. ‘احلم احيانا بأنني أجر جثة شخص ما’، تقول اللاجئة الصغيرة.

‘وحينما انظر الى الاولاد في المخيم اشعر بأنهم فقدوا قلوبهم’. تتابع نورة شربل وهي خبيرة نفسية متطوعة من بيروت لاجئي سوريا الصغار مفوضة من جمعية مساعدة بنفقة دولية. ‘يعاني عدد منهم اندفاعات غضب وعنف وكأنهم جاءوا ليتحدوا قائلين: ان ما فعلوه بعائلتي أنوي أن افعله بكل من يحاول الاقتراب مني. وكف آخرون عن الكلام ألبتة بسبب الصدمة النفسية، فهم يجلسون أمامي ساكتين منطوين.

ويوجد من بدأوا يجمجمون وكلهم تقريبا يصابون بهستيريا في كل مرة يسمعون فيها ضجيج طائرة. فكل ضجيج مفاجيء يذكرهم بما حدث في سوريا حينما قصفت طائرات المنازل وأمطرت براميل المتفجرات. ‘وعاد الاولاد يتبولون في الفراش ويستيقظون باكين مشتكين من الكوابيس.

وحينما اعطيهم اوراقا والوانا واطلب ان يرسموا أتلقى صور دبابات وطائرات وجنود وقتلى غارقين في دمائهم في وسط الشارع.

فلا يوجد عندهم شمس مشرقة وازهار ملونة. وأنا اتابعهم وأفكر في ألم أن ليس هذا ما تتوقع الحصول عليه من اولاد.

انه لأمر يثير القشعريرة’.

سمعت في اجتماع مغلق في اوروبا شهادة تثير القشعريرة من نشيطة رفيعة المستوى في المنظمة العليا للمعارضة السورية.

ولم يكشف عن اسمها وعملها بسبب اقربائها الذين يسكنون في دمشق. ‘ليس لوحشية بشار الاسد الذي يصرف بنفسه الحرب على ابناء شعبه، ليس لها حدود’، قالت. ‘ان كل امرأة تعتقل أمهات وبنات وفتيات يتوقع أن تغتصب في اثناء التحقيق.

ولا يهم النظام ان تخرج هؤلاء البائسات ويتحدثن عما جرى عليهن. ان حالات الاغتصاب في الاكثر جماعية وهي ترمي الى الصاق العار ووصم الفتيات في محيطهن القريب لانه من ذا يريد أن يتزوج بفتاة كانت عند شبيحة النظام؟’.

وقد جندت منال ابنة السادسة عشرة من مخيم الزعتري محققي اليونسيف ليخلصوها من زواج قسري.

‘قال والدي انه غير قادر على الحفاظ علي. فقد خشي أن يختطفوني وأن تُمس كرامة العائلة، فقال: ليكن على الاقل من يدفع ويمنحك اطارا.

ويجب عليك ان تتنازلي بعد كل المعاناة التي جرت علينا في سوريا’. وكان من حسن حظ منال انها ما زالت الى الآن تعيش مع والديها واخوتها وتصر على الخروج للدراسة.

لكن الاحصاء يدل على ان واحدة من كل ثماني لاجئات صغيرات في الاردن تُزوج قسرا. وهي تلقى زوجها المرة الاولى بعد ان يكون قد دفع للوالدين.  

شيء مفقود في العيون

عولج في اسرائيل الى اليوم عشرات الاولاد الذين جرحوا في الحرب الاهلية في سوريا. ويعمل الصندوق الاسرائيلي لاجل اليونسيف في مساعدتهم بقدر المستطاع.

‘تهيج في ساحتنا الخلفية مأساة فظيعة’، يقول المدير العام لليونسيف في اسرائيل، جوني كلاين. ‘ثم جيل كامل من الاولاد يعيشون في خوف ولا يذهبون الى المدارس ولا يعرفون كيف يمضون النهار ينشأون بالقرب منا حقا. وسيكون لطريقة نشوء الاولاد السوريين تأثير حاسم في علاقات الجوار مع اسرائيل في الحقب التالية. فالاستثمار في جيل المستقبل عند جيراننا استثمار في مستقبلنا ايضا’.

وقد اصبح سيمون انغرم من اليونسيف ايضا يفكر في اليوم التالي. ‘في كل سيناريو سيكون في سوريا، خسرنا جيلا كاملا هو جيل الاولاد الذين خرجوا من الأطر في السنوات الثلاث الاخيرة. وحينما ألقى الاولاد أرى أن شيئا قد فُقد في عيونهم فهم لا يتصرفون مثل الاولاد الذين في اعمارهم في كل مكان آخر في العالم.

‘يجب علينا أن نفكر فيما سيحدث حينما يبدأون ببناء سوريا مرة اخرى ومؤسسات الحكم. سيضطر هؤلاء الاولاد الضائعون الى انشاء الدولة الجديدة. ولما كان قسم كبير منهم لا يتعلمون بل لم ينجح نحو من مليون في تعلم القراءة والكتابة، فانني اسال نفسي من سيكون الاطباء والمهندسون والعاملون في الهاي تك والمعلمون في سوريا في الحقبة التالية’.

سمدار بيري يديعوت 21/3/2014