خيرا حظي موروثنا القيمي وثروتنا الحضارية و دستورنا الأخلاقي بالإهتمام الرسمي المستحق ، من خلال إطلاق البرنامج الوطني لإحياء التراث القيمي ، المزمع إعطاء ضوئه الأخضر من قبل رئيس الجمهورية شخصيا صبيحة السابع من دجمبر الجاري.
سنة حسنة ، تأتي في ظرف زمني خاص، لتنفض الغبار عن رفوف مكتبة حضارية زاخرة بالقيم و المثل العليا التي شكلت الشريان الحقيقي للشعب العربي الإفريقي الشنقيطي المسلم المسالم في هذه الربوع، والمنبع المتدفق بالحكمة و الوسطية و الفكر المستنير و المنهج المعتدل الموافق للفطرة و المستوحى من روح الشريعة الإسلامية السمحة. و برأيي الشخصي فإن أهمية البرنامج الوطني لإحياء التراث القيمي، لا تقف فقط عند حدود إعادة تنشيط الكيان التراثي للبد في شقه المعنوي، بل تتجاوز ذلك لتؤسس لرؤية حضارية جديدة، تقدم تجارب الماضي على مائدة الحاضر ، لتربط الخلف بالسلف، و تهدينا البديل السليم و المناسب و المنسجم مع هويتنا الإسلامية و الثقافية، عوضا عن التعلق بأهداب ثقافة الآخر الوافدة علينا ، بل و المفروضة أحيانا علينا كرها بحكم واقع الفراغ القيمي الذي نعانيه من جهة، ومنطق سيطرة ثقافة الأقوى من جهة أخرى .
و قد وفق القائمون على صياغة هذا البرنامج في رسم استيراتيجية واضحة المعالم لتنفيذه ، من خلال مخطط عملي يعتمد باقة من المكونات الهامة اللتي تشكل في حد ذاتها خارطة طريق لمرحلة جديدة و أساسية من تاريخ إعادة الإعتبار لكنوزنا التراثية الروحية التي كانت المرتكز الأساس للحمة شعبنا و تماسك مكوناته ، والسد المنيع في وجه محاولات اختراق وحدتنا الوطنية ، و الدرع الذي يحمي المجتمع من سهام الإستلاب الثقافي التي حولت مجتمعات عديدة أخرى إلى مسوخ حضارية لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء..فدعواتنا بالتوفيق تترى لمهندسي هذا البرنامج.