وضع اعتذار المغرب عن عدم استضافة القمة العربية، في مايو المقبل، جارتها موريتانيا في اختبار سياسى مفاجئ، انطلاقا من أن المناسبة تحظى بأهمية عربية ودولية كبرى لما تنتظره بعض الملفات والقضايا والأزمات المشتعلة من مواقف وقرارات صارمة وعملية أكثر من مجرد «إلقاء الخطب والكلمات الرنانة»، وهو الدافع الحقيقى وراء انصراف المغرب عن رئاسة القمة المرتقبة. ويتبادر إلى الذهن سؤال ملح حول جدارة موريتانيا باستضافة القمة لأول مرة في تاريخها، في ظل ما تعانيه الدولة من أزمات سياسية تنذر بالقلق والاضطراب، فضلا عن الوضع الاقتصادى الداخلى الذي وضع البلاد في المرتبة 123 من أصل 144 دولة حول العالم في مؤشر جودة البنية التحتية في مجال النقل.
وكشف تقرير صادر عن المنتدى الاقتصادى العالمى لعام 2015 حول تقييم جودة الطرق والسكك الحديدية والمطارات، بالإضافة إلى البنية التحتية في مجال الطاقة والاتصالات، أن موريتانيا احتلت المرتبة الـ77 من حيث جودة البنية التحتية للسكة الحديدية والـ90 من حيث نصيب الفرد من اشتراكات الهواتف النقالة، فيما أكد تقرير آخر أصدرته الأمم المتحدة بشأن الحالة والتوقعات الاقتصادية في العالم لعام 2016 أن موريتانيا من الدول الفقيرة التي يعيش سكانها حياة خالية من مظاهر الحضارة الحديثة، ويعتمد اقتصادها بالدرجة الأولى على بعض الموارد الطبيعية الخام والمعونات الأجنبية، بالإضافة إلى قطاع صيد الأسماك كمحرك أساسى للاقتصاد، حيث ترتكز سياسات الحكومة على حماية الموارد السمكية وتقليص أنشطة الحكومة المرتبطة بالصيد والتصنيع.
وتغرق موريتانيا في بحر من الديون الخارجية، التي بلغت ما يقرب من 15.5% من الناتج المحلى الإجمالى، مما أدى إلى تصنيفها كدولة فقيرة يفتقد اقتصادها للاستقرار نتيجة الاعتماد على قاعدة إنتاجية وتصديرية ضعيفة فرضها تذبذب الأحوال المناخية وانتشار الجفاف في بعض المواسم، والأراضى القاحلة، انتهاء باعتماد الدولة على الواردات من السلع الغذائية.
ورغم أن النظام الموريتانى الحالى منذ تسلمه السلطة ركز على البنية التحتية، خصوصا ما يتعلق بالطرق والمواصلات، إلا أن المعارضة نظرت إلى هذه السياسة بعين الشك والريبة حول نتائجها، إلى حد وصف تنمية الرئيس ولد عبدالعزيز بأنها «تنمية سوداء» في إشارة للون الطرق.
واللافت للنظر أن القمة المقبلة تحتضنها دولة لا تصل الخدمات الضرورية إلى نسبة كبيرة من مواطنيها، خاصة في المناطق الريفية، وذكر تقرير اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة، الصادر عام 2014، أن موريتانيا تحتاج إلى 110 آلاف طن من المواد الغذائية خلال الأشهر الثلاثة المقبلة من عام 2015، لسد احتياجات 400 ألف مواطن، علما بأن تغطية الخدمات الصحية لا تطال، بصورة فعلية، نسبة 5% من السكان، وخدمات التعليم 14%، والبنية التحتية لا تتجاوز 7% من احتياجات البلاد، أما نسبة توفر الماء الصالح للشرب فتصل إلى 20%، بينما الكهرباء 12% فقط.
ويعتبر انتشار الأمية، خاصة في المناطق الريفية، وتأثر القوة الشرائية للمواطن الموريتانى بفعل ارتفاع معدلات التضخم، من أهم أسباب انتشار الفقر في موريتانيا، علاوة على اعتماد المواطنين في الريف، بشكل شبه كامل، على الأنشطة الزراعية والرعوية التي تخضع للظروف المناخية المتقلبة.
المصري اليوم+ 28 نوفمبر
العنوان الأصلى: تحليل إخبارى : موريتانيا تدخل «اختبار القمة المفاجئ»