موقعنا من الأحداث : | 28 نوفمبر

موقعنا من الأحداث :

أربعاء, 01/25/2017 - 17:59

يقال أن لكل كاتب عُقدة .
لكننا معشر المتطفلين على الكتابة لنا عُقدنا أيضا .
وعقدة الكاتب هي لون تفكيره وحيثيات عن موقع تمركزه من الأحداث ، وزاوية رؤيته لها .

ورغم أنني لست متأكدا من عقدتي بعد إلا أنني أميل لقراءة الأحداث منطلقا من بواعث تشكلها ورحم نشأتها والطبيعة الوعي المنتج لها .

لندخل في صلب الموضوع ...
انقلاب عسكري 
اسعار ترتفع
جريمة اغتصاب 
فضيحة فساد 
... الخ

بالطبع نحن نقيم الدنيا باستنكار الأحداث وشجبها ، وندبج من مدد المحابر و مكنون المحاجر ما يعبر بجلاء عن رفضنا وانزعاجنا وغضبنا ...الخ 
لكن لا شيء يتغير 
ننتخب الإنقلابي 
ونشتري السلع 
وننسى الضحايا
وندمغ ذاكرتنا بالشمع الأحمر لنخلع أبهة التقدير على هياكل المفسدين .

لماذا يحدث ذلك وكيف ؟
لأننا نعلق على الأحداث وننتمي لما بعدها 
هناك فارق توقيت بين بين صوت المحتج وبواعث الحدث .
فالحدث لا يخرج للنور من فراغ ، بل ينمو ويتمخض وفق وعي وإرادة ما .
وريثما يتشكل وينمو يغط وعينا وإرادتنا في سبات بهيم .
وما يفيقنا من سباتنا ذلك هو صرخة ولادة الحدث وظهوره للنور .
نحدث مؤقتا بعض الضجيج ، تماما كالذي يحدثه " حد مُنقّس " ، لكن سرعان ما ينتابنا كسلنا  ونمسح ذاكرة الإنزعاج لنغط من جديد في سبات وعينا .

إذا أردنا للوضع أن يستقيم فلابد أن ندخل معمل الأحداث .

ونؤثر في مدخلات المنتج ومواده الأولية بدل الإكتفاء بوصف ما يزعجنا منه .

علاقتنا مع الحدث.كعلاقة المعلق الرياضي بكرة القدم .
لا يدرب ولا يخطط ولا يمول ولا يفاوض ولا يبيع ولا يشتري .
هو فقط يرفع صوته معلقا على ما يحدث ولا يؤثر فيه .

مطبخ الأحداث هو الوعي المنتج للأحداث .
هو البيئة الثقافية والإجتماعية المصنعة والمستهلكة والراعية للحدث .

تحدثوا عن حرمة السرقة ما شئتم ، لكنكم لن تثنوا شابا فقد حقه وفرصته في الحياة عن السرقة .

قبل أن يسرق تنقل والده بين الأحضان باحثا عن المتعة .
قبل أن يسرق ركلته ضغوط الدراسة وتكاليفها خارج سياق الطفولة .
قبل أن يسرق كانت أمه تطوي تقويم العام ليلة ليلة بين الأعراس والسهرات و"الندويات" ، وتكرس نصف طاقتها لتحليل زواج او طلاق أو خلاف .

حدث السرقة كان عرضا متأخرا و هامشيا ضمن سلسلة أحداث قاتلة ورهيبة .

ما يصنع الأحداث هو منظومة قيمية متسلسلة تشكل خط إنتاج طبيعي وحيوي .

وإذا كنا نتجرع العصير حامضا ونتكفي بالانزعاج من طعمه ، فلا شي سيتغير مالم نخرج فاكهة الليمون من خط الإنتاج أو نضيف بعض السكر .

البنية القيمية للمجتمع  وشكل وطبيعة وعيه هما رحم الأحداث .
ومالم نضع المنتج القيمي قيد التغيير فلن نكون أكثر تأثيرا على صناعة الأحداث وتحقيق المنجزات .أكثر من زميلنا المعلق الرياضي على صناعة الأهداف وكسب البطولات .

" المشروع الوطني "

 

----------------------

من صفحة الاستاذ محمد افو على الفيس بوك