نتألم ونحن نرى بوتفليقة يدلي بصوته في الانتخابات من كرسيه المتحرك
الجمعة, 18 أبريل 2014 13:16

boutaflika-chaire-2كان منظرا مؤلما ان يقوم الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بالادلاء بصوته في الانتخابات وهو على كرسي متحرك.. ومؤلم بالنسبة اليه شخصيا ومؤلم ايضا بالنسبة الى الجزائر وشعبها وطموحاتها في الديمقراطية والحرية والازدهار. لا نعتقد ان الرئيس بوتفليقة الذي

اصيب بأزمة قلبية افقدته النطق واقعدته عن الحركة، يريد ان يترشح لولاية رابعة وهو المريض العليل الذي يقف على ابواب الثمانين من عمره، ولكن المؤسسة الجزائرية الحاكمة فعليا ارادت ذلك، وسيكون لها ما ارادت عندما تجري عملية فرز الاصوات واعلان النتائج.

امر مهين ومحزن ان لا يوجد من بين ما يقرب من اربعين مليون جزائري شخص يصلح لقيادة دفة الحكم في البلاد في هذا الظرف الحرج من تاريخها تختاره المؤسسة العسكرية الحاكمة كمرشح لها تدعمه وتقف خلفه، ويحقق المواصفات التي يريدها الشعب الجزائري في شخصه ايا كانت صفته الحزبية، وايديولوجيته السياسية والفكرية.

ندرك جيدا ان المؤسسة العسكرية في الجزائر، هي التي تمسك بكل خيوط اللعبة السياسية، وهي الصانع الحقيقي للرؤساء، تماما مثل نظيرتها في معظم دول العالم الثالث مثل باكستان ومصر وتركيا، لكننا ندرك ايضا ان عجزها عن ايجاد بديل اكثر شبابا وصحة غير الرئيس بوتفليقة ينذر باخطار عديدة على الجزائر ومستقبلها وتماسكها.

لا نحتاج الى الكثير من العناء لنعرف اسباب التمسك بالرئيس بوتفليقة، وتعديل الدستور من اجل توفير الاطار القانوني لترشحه لفترة رئاسية رابعة، فالذين يقفون خلف هذه الخطوة يرون في استمرار الرجل في الحكم عامل استقرار، ولو لفترة مؤقتة، ويريدون استخدامه كواجهة يحكمون من خلفها، وهذا في تقديرنا امر محفوف بالمخاطر على الجزائر، وربما يوفر الذرائع لمن يريدون اشعال فتيل الاضطرابات فيها، وما اكثر هؤلاء، فالجزائر في الوقت الراهن محاطة من معظم النواحي بدول فاشلة او شبه فاشلة تسودها فوضى السلاح، وانهيار الامن، وانعدام هياكل الدولة ومؤسساتها، ابتداء من ليبيا في الشرق ومالي في الجنوب ونيجيريا في الجنوب الغربي والقائمة تطول، والاستثناء الوحيد، حتى هذه اللحظة هو الجار التونسي الذي نأمل ان لا تطول مرحلة تعافيه وخروجه من عنق زجاجة عدم الاستقرار بصفة دائمة.

نتائج الانتخابات الجزائرية لن تتضمن اي مفاجآت، ولكن هذا لا يعني ان فوز الرئيس هو نهاية المطاف، فالمرحلة الاصعب قد تبدأ باعلان الفوز رسميا، ورهاننا الوحيد الذي يبعث الطمأنينة في نفوسنا هو نضج الشعب الجزائري، واستيعابه للدروس الدموية للحرب الاهلية الجزائرية التي استمرت عشر سنوات مؤلمة دفع ثمنها غاليا من امنه واستقراره وارواح ابنائه.

نتمنى نحن اسرة هذه الصحيفة للجزائر كل الامن والاستقرار والوحدة الوطنية، الجغرافية والديمغرافية، مثلما نتمنى ان يكون الشعب الجزائري على درجة عالية من المسؤولية، وهو لا شك كذلك، ويفوت فرصة على الذين لا يريدون له وبلده الاستقرار، وتحويلها الى دولة فاشلة بالتالي، لانها ربما الوحيدة في القارة الافريقية، بعد جنوب افريقيا، التي تحمل في جينات هويتها مشروع دولة اقليمية قوية عظمى ومتحضرة بكل ما تعنيه هذه الكلمة.

“راي اليوم”

فيديو

البحث