اتفاق باماكو المهدد |
الاثنين, 04 مايو 2015 15:54 |
تُصعّد الوساطة الدولية ضغوطها على أطراف الأزمة المالية لتوقيع اتفاق السلام النهائي في باماكو منتصف الشهر المقبل، وذلك بعد توقيع الاتفاق المبدئي في الأول من مارس الماضي بالجزائر، ومع بدء العد التنازلي للموعد المقترح بدأت الخلافات تظهر إلى السطح، ما يؤشر إلى أن التوقيع لن يتم أو قد يتم من دون نوايا مخلصة لإحلال السلام. المخاوف من الفشل تساور الأطراف ذات الصلة، لكن الجزائر، التي تتزعم الوساطة، تبدي تصميماً كبيراً على نجاح مهمتها، وظهر من بيان وزارة الخارجية الجزائرية الصادر قبل يومين أن الرهان الجزائري كبير، وأن الوصول إلى حفل التوقيع بحضور دولي في باماكو سيحقق نجاحاً دبلوماسياً جزائرياً بالدرجة الأولى، كما أنه سيحقق اختراقاً كبيراً في حماية الأمن الوطني الجزائري . أما على الصعيد الداخلي المالي، فإن توقيع الاتفاق سينهي سياسياً أزمة كبيرة سحقت البلاد خلال السنوات الثلاث الماضية، عندما انهار النظام وسقط الشمال في أيدي جماعات انفصالية وأخرى متشددة . وعلى الرغم من التدخل العسكري الفرنسي الذي قصم ظهر تلك الجماعات، بقي التهديد قائماً في ظل الانقسامات حيال تسوية الأزمة، وهو ما يؤكد أن الأوضاع قد تعود إلى سابق انفجارها حينما تتوافر شروط ذلك، ومن ذلك انهيار العملية التفاوضية. قبل نحو شهر من حفل باماكو توسع فريق الوساطة ليضم فرنسا والولايات المتحدة إلى جانب المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الإسلامي وبوركينا فاسو وموريتانيا والنيجر وتشاد . ويظهر جلياً أن عدد الوسطاء يفوق عدد الأطراف المعنية بالاتفاق، وهي الحكومة المالية وست حركات مسلحة في الشمال تمثل «حركة تحرير أزواد»، وهذا العدد يفسر حجم الضغوط الممارسة لإنجاح المسار التفاوضي . أما إذا فشل فإن الوساطة تخفي خطة بديلة تتمثل في فرض عقوبات قاسية على الحركات الأزوادية، وهي عقوبات تتراوح بين تجميد حسابات أعضاء التنسيقية في البنوك ومنعهم من السفر وبين تصنيفهم كحركات إرهابية وإغلاق حدود بعض دول الجوار أمامهم . ويبدو أن الجزائر لا تميل إلى المرور إلى هذه المرحلة لما سينجر عنها من تداعيات على أمن مناطقها الصحراوية، حيث تعمل الأجهزة الأمنية والعسكرية على محاربة الجماعات الإرهابية وشبكات التهريب التي استنزفت الاقتصاد الجزائري على غرار دول المنطقة. أكثر ما يقلق الوسطاء أن تدخل أطراف ثالثة لإحباط المفاوضات والحفاظ على الوضع المتوتر . وربما يأتي توالي الهجمات المسلحة على قوافل البعثة الأممية مقدمة لإثارة الفوضى، وقد تتفاقم نسبة الحوادث الأمنية قبل منتصف الشهر المقبل لتفرض أمراً واقعاً جديداً قد يؤثر في نتائج المفاوضات، كما أن شبهة تورط بعض الأطراف المشاركة في الحوار لتعزيز شروطها أمر وارد جداً . وتعرف بعض الحركات أن أكبر أهداف خريطة الطريق المقترحة لإنهاء الأزمة المالية يتمثل في فرض الأمن في تلك المنطقة من شمال إفريقيا، ومثلما هو هدف استراتيجي بالنسبة إلى الجزائر، فهو كذلك لفرنسا، ولكن تحقيق الأمن سيظل انجازاً مؤقتاً إذا لم تواكبه تنمية وعدالة اجتماعية هي من صميم المطالب الأزوادية المرفوعة من عشرات السنين وليست وليدة السنوات الأخيرة.
* نقلا عن “الخليج” الإماراتية |