عدل بكرو...، والأنظمة...، والعطش..
الثلاثاء, 12 مايو 2015 09:01

آراء -  احمد سالم سيدي عبد الله

في أحد أيام أكتوبر من سنة 1993 استيقظت باكرا وكان الجو في ذلك اليوم الخالد في الذاكرة جميلا جدا، في مدينة القرآن والجمال والعطش والكرم، والماء المالح، حملت حقيبتي رفقة إخوتي باتجاه عالم جديد طالما حدثوني عنه وعن جماله، بعد لحظات

 كانت من أطول اللحظات..، دلفت إلى باب العالم الجديد وقادني الوكيل المرافق إلى غرفة المدير لأسجل في المدرسة وأكون أحد روادها في ذلك اليوم...، ليس هذا كل ما علق بالذاكرة من تلك المدينة النائية والجميلة حد بساطة أهلها رغم مخالب المعاناة التي طالما أحكمتها في ساكنة المدينة لتذيقهم بها مرارة المعاناة في وطن لا يعتمد معايير واضحة على أساسها يساوي بين المواطنين في فرص العيش الكريم.....

عدل بكرو مدينة حدودية تعانق من خلالها جمال حياة البيظان ونمط عيشهم التقليدي تتعايش بها مكونات المجتمع الموريتاني بسهولة..، وتعيش فيها ومعها جمال حياة الأفارقة وبساطة عيشهم ومكافحتهم من أجل البقاء في قارتهم المنهوبة المنكوبة والمسلوبة..

تعج المدينة الحدودية بالحيوية رغم بعدها عن مقر صنع القرار في الجمهورية الإسلامية الموريتانية، كما تكرم وفادة القادمين من جميع أنحاء الوطن فممارسوا التجارة في المدينة ينحدرون من كل ولايات الوطن، وإن كان للمنحدرين من ولاية اترارزه القسط الأكبر..

مساء الأربعاء ليل الخميس ويومه، كليل الجمعة ويمها أيام مختلفة، فيها يتزاحم في المدينة بشر كثير فتبارك الله أحسن الخالقين، جالبين أنواع البضاعة المختلفة ماليون وموريتانيون لغات مختلفة ولهجات مستعصية وحركية لا تخلوا من إزعاج... تجار من كل الدول المجاورة بركنابيون وسنغاليون ماليون وموريتانيون في السوق آلاف القطع من الإبل والبقر والغنم...

كنا ونحن صغارا نتسلل إلى حيث يتم حمل الماشية التي تم بيعها في الشاحنات..، عشرات الشاحنات حاملة البضاعة وأخرى مغادرة بالغنم أو الإبل حدث عن عدل بكرو في هذا الميدان ولك عليه شهود كثر.. المدينة القابعة تحت رحمة العطش منذ ذلك التاريخ تتصدر واجهة الأحداث اليوم بعد معاناة سكانتها التي تتجدد كلما حان فصل الصيف في المدينة...

رجال ونساء صبية وشباب..، الكل يسخر نفسه في مثل هذا الفصل للحصول على قطرة ماء تنقذ أهله من العطش، رغم تعاقب الأنظمة على حكم البلد ما زالت عدل بكرو كما هي تعاني العطش...، لكنها رغم ذلك لا تبخل على الوطن فمنها تتغذى مدن كثيرة....، ومن محاظرها تخرج آلاف من حملة كتاب الله من كل الجنسيات موريتانيون عاجيون بركنابيون وماليون...

قبل أشهر زرت المدينة كانت كما هي مرابطة على الثغور مدافعة عن كرامة الوطن ويقابلها حكامه باللؤم وعدم الكرم.... لا طريق معبد ولا ماء يصلح للشرب حنفيات متفرقة في المدينة لا تسقي من ظمإ، في فصل الخريف تحاصر المياه المدينة وتعيش الساكنة مأساة أخرى لا تشغل بال المواطن البسيط...، والأكيد أن الممسكين بزمام الأمور في البلد لن تكون لهم على بال.... تصبحون على خير أحبتي

فيديو 28 نوفمبر

البحث