وزارة الإتصال: طموح محترم لصحافة موريتانيا/ عبد الله حرمة الله |
الثلاثاء, 10 سبتمبر 2013 02:30 |
" الشر نتيجة قدرة البشر على تحويل الملموس إلى مجرَّد" جان بول سارتر وفقت عقود الإستبداد وما رافقها من تكميم، وتقديس للوشاية، وسيادة رهط الهامش.. في إخماد نيران التنوير عبر الإعلام، الذي تحول مشهده إلى حقل خصب لترسيخ الحماقات السخيفة؛ فقتل الإنسان داخل المستغفرين بالمصادرة، المجبولين على قذع؛ فقد "لسانا" يطال معالم الصولة فيستوي. بعد سقوط الدكتاتورية وتهاوي مؤسسة المصادرة، طفقت الإرادة السياسية تطرز سترة حرية التعبير بتنقية شوائب القانون، وإرساء المشهد الإعلامي على مدرج الدعم والتعاون والتفاهم؛ ثم المهنية. لصقل معالم مشهدنا الإعلامي، والرقي به إلى سقف ترسيخ الحريات الفردية والجماعية، كان لابد من تجاوز حماقات "جيل المادة 11"، ليلحق الصواب بقطاع شب في أحضان المخفر، وكسب رهان المصادر البشرية النظيفة، القادرة على العطاء ومرافقة مسيرة التنمية بتثقيف المواطن لضمان شراكته الكاملة في قضايا الشأن العام، وتلميع صورة البلد، التي طالتها مغالطات تجار الضغينة خارج حدوده. في هذه الأجواء؛ وبعزيمة الظفر انتقت الجمهورية أحد خيرة أطرها وأكثرهم حنكة مشهودة، عندما قاد رفقة آخرين إلى رحمة "اتفاق دكار" الذي أعاد للجمهورية هيبتها وللنخب صوابها، عبر العودة بالبلاد إلى حياة دستورية مستقرة وهادئة وذات مصداقية على المستويين الوطني والدولي. قطاع الإعلام في موريتانيا في صدد استرجاع مكانته السيادية والتنويرية، وترسيخ قيم حرية التعبير، والذود عن سمعة البلد ومكانة الأمة. يجمع المراقبون لمسيرة الدولة الموريتانية، أنه منذ اعتماد دستور "التعددية/ 1991"، لم يجتمع أبدا وزير الإتصال بديوانه، ولم تعتمد إداراته المركزية استراتيجية عمل واضحة الملامح، قبل منتصف العام الجاري . تمتلك وزارة الإتصال طموحا محترما للقطاع في موريتانيا، لضرورة مواكبته للتحولات السياسية التي عرفها البلد، والإنفتاح على أجيال إعلامية من الشباب ترعرعت في حضن الصحافة الخاصة، مشبعة بثقافة التعددية ووازع أخلاقيات المهنة. على مستوى الصحافة، حرصت وزارة الإتصال ـ في سابقة من نوعها ـ على تسهيل المشاركة الفاعلة للتجمعات والمنظمات الصحفية، بحرية ومسؤولية خلال التظاهرات المخلدة للذكرى العشرين للعيد العالمي لحرية الصحافة، ولمدة أسبوع كامل، واضعة حدا لسنوات من التهميش طالت جزءا كبيرا من صحافتنا المحترمة، تجسيدا لرفع سقف حرية الصحافة ببلادنا، وسيادة عهد جديد من الشراكة مع الصحافة للعب دورها كاملا في توجيه وحماية مصالح الدولة والمجتمع. كما مكن أسلوب التشاور على نطاق واسع، الذي انتهج هذه السنة في التعاطي مع الفاعلين في حقل الإعلام، من تشخيص التحديات التي تواجهها مهنة المتاعب في بلادنا، وتصور الحلول العملية القادرة على النهوض بالحقل والمشتغلين به، حتى يتسنى لعب دورهم كاملا، في تكريس قيم الحرية والممارسة الديمقراطية التعددية. سجلت وزارة الاتصال والعلاقات مع البرلمان، خلال مختلف النشاطات التي أحيت الذكرى العشرين للعيد العالمي لحرية الصحافة جميع الآراء والمقترحات التي تم التعبير عنها بكل حرية من طرف الفاعلين في الحقل الإعلامي، وتنوي الوزارة إعطاء كامل العناية لما صدر عن المشاركين في هذا العرس الديمقراطي ، من أجل الارتقاء بصحافتنا إلى المكانة اللائقة بها. إن اعتماد التناوب كآلية ديمقراطية، بعد التشاور الموسع مع جميع الهيئات والمنظمات الصحفية، مكن من إقحام صحافيين شباب، أثبتوا مهنيتهم وتميزهم في المشهد الإعلامي، في لجنة تسيير الدعم العمومي للصحافة الخاصة، كاعتراف بالجميل لجيل واجه تحديات الإمتهان وإكراهات التمييع فصمد متمسكا بقناعة لاتلين ومهنية لاتهزم. وفقت وزارة الإتصال في لعب دورها "كناطق رسمي" باسم الحكومة، من خلال اللقاء الصحافي الأسبوعي الذي حرصت خلاله على حضور ممثلي الإعلام الدولي والوطني، والرد على الأسئلة المتعلقة بعمل الحكومة بصفة خاصة والحياة السياسية للبلد بصفة عامة، حيث كانت صورة البلد تتأثر كثيرا "بالمصادر" الوسيطة، التي تغذي وباستمرار سيل المغالطات التي كانت تحتل صدارة واجهة البلد. هنيئا لفرسان الكلمة الحرة في عهد التكميم والمصادرة، ورعاة المهنية والمسؤولية في عهد التعددية الإعلامية الفعلية، التي رفعت عاليا اسم موريتانيا، في صدارة حرية الصحافة عبر العالم العربي، الخارج من زنزانات المصادرة وجلابيب التكميم. هنيئا لوزارة الإتصال، إضافة إثارة ملائمة لجدلية الحرية والمسؤولية، ومسؤولية الصحفي الأخلاقية في الضبط الذاتي، كتعبير عن مسؤوليته المرجعية اتجاه الأمة، كأحد صانعي ومراقبي الرأي العام في حياة الدولة والمجتمع.
عبد الله حرمة الله |