حزب وعجوز أمريكي...
الثلاثاء, 14 يوليو 2015 14:22

altنحن محظوظون جدا لأن لدينا حزبا يقيم موائد الإفطار وينظم دروس تقوية لطلاب الباكالوريا ويلقي محاضرات فكرية وتطالعك صور قادته كل صباح على شبكات التواصل الاجتماعي وهم خاشعون يصلون تراويح الليلة الماضية.

لو "لفيت" الدنيا كلها من شرقها إلى غربها ومن جنوبها إلى شمالها مستحيل أن تجد لحزبنا مثيلا ولا لقادته نظراء ولا لخطابه السياسي نسخة مشابهة، وحتى لو قمت بجرد التاريخ الطويل والثقيل لأحزابنا المنصرفة وتلك التي ما زالت ترفض الإنصراف، لما وجدت لحزبنا شبيها فهو يمثل بحق نهاية زمن نظرية "التناسخ".

حزبنا أدامه الله تاجا فوق رؤوسنا وأطال الله بقاءه وبقاء قادته الميامين، ليس صورة طبق الأصل من أي حزب آخر، كما أنك لا يمكن أن تجزم أبدا بأنه "نسخة أصلية" فهو بين المنزلتين، فيوم تعطيه بكامله من رأسه إلى أخمص قدميه للإسلاميين ويوم آخر تأخذه وتسلمه بقادته وجماهيره للاشتراكيين والشيوعيين ويوم آخر تقسم بالله أنك ستضعه فيه كيس وتحشره في خانة الليبراليين وتستريح منه نهائيا، لكنه يفاجئك في المساء بأنه يصلح لأن يكون حزبا للخضر.

إذا ملت به يسارا مال بك يمينا وإن ملت به يمينا مال بك يسارا، وإن أنت انتظرته في الوسط اختفى كإبرة في كومة قش، حزبنا هو حزب "الحيرة السياسية" وهي التي استحق عليها اسمه بجدارة، ففيه ما لا عين رأت ولا أذن سمعت.

كل الأشياء التي يمكن أن تتخيلها وتلك التي غابت عن خيالك بل وتلك التي لا يمكن أن تخطر على بالك ستجدها في حزبنا. كل الأحزاب عجزت عن مجاراة حزبنا، فلم يبق له من منافس في الميدان، سوى دبلوماسي عجوز بني اللون جاء من بلاد العم سام، لو لم يكن أمريكيا لأقسمت بأن له مستقبلا باهرا في حزبنا. لو لم يكن أخونا الأمريكي هذا غسل صحون أهل "الورف"، لكان حزبنا غسلها وبه والحمد لله به من "الغسلة " ما لا يعد ولا يحصى.

ولو لم يكن أخونا الأمريكي زار سجنا برفقة طبيبه الخاص، لكان حزبنا فعلها وبه من الأطباء الخصوصيين والخواص الكثير ومن كل التخصصات: الأطفال والنساء والتوليد والعظام والروماتيزم والجهاز الهضمي وغير الهضمي والبواسير وعسر الهضم والأمراض النفسية والعصبية والوخز بالإبر الصينية، حتى أنه يقال، والله أعلم، إن أطباء حزبنا أكثر من أطباء المستشفى الكبير.

حزبنا شفاف كأكياس البلاستيك، الفرق الوحيد بينها وبينه هو أنها هي محظورة بينما هو مرخص، وهذه الشفافية تجعلنا نتوقع بسهولة ما سيقوم به في الأيام التالية: سينشر بيانا عن الأنشطة الرائعة التي قام بها، وسيعقد مؤتمرا صحفيا أو يقيم محاضرة حسب المتاح، وسيقسم اللحمة وألبسة الأطفال المستعملة بمناسبة العيد، وسيكرم المتفوقين في الباكلوريا، إذا لم يسبقه إلى ذلك عكاشة.

لا أعرف من أين طلع لنا عكاشة هذا ... مؤامرة كونية؟؟؟ والله احتمال وارد جدا.

----------------

من صفحة الأستاذ البشير عبد الرازق على الفيس بوك

فيديو 28 نوفمبر

البحث