ولد داداه: الحوار الشامل والصادق الوسيلة الوحيدة للخروج من الأزمة |
الأربعاء, 04 ديسمبر 2013 13:47 |
نص المقابلة التى أجرتها صحيفة الشرق الأوسط مع زعيم المعارضة الديمقراطية:
الشرق الأوسط : ما هي أسباب مقاطعة منسقية المعارضة الديمقراطية للانتخابات التشريعية والبلدية ؟ أحمد ولد داداه : ينبغي التذكير بأن الجنرال محمد ولد عبد العزيز قام بانقلابين عسكريين سنتي 2005 و2008. وقد أدخل الانقلاب الأخير البلد في أزمة سياسية عميقة تمخضت في ربيع 2009 عن اتفاق بين كافة الأطراف السياسية الوطنية سمي ب "اتفاق دكار". وقد ضمن المجتمع الدولي هذا الاتفاق، الذي ينص على تشكيل حكومة توافقية تشرف على انتخابات رئاسية، كما نص على إجراء حوار وطني عام، مباشرة بعد الانتخابات الرئاسية، يشمل مواضيع جوهرية، كالنأي بالجيش عن السياسة، والاتفاق على القوانين والنظم المسيّرة للانتخابات، والإصلاحات الدستورية الضامنة لتوازن المؤسسات الجمهورية، واستقلاليتها الخ... وقد أفرغ الجنرال محمد ولد عبد العزيز في الواقع اتفاق دكار من مضمونه، باستعماله وسائل الدولة وسلطانها ومؤسساتها لصالح حملته الرئاسية، ليتوج ذلك بعملية تزوير ممنهجة ومحكّمة للعملية الانتخابية برمتها، والتي ضمنت "فوزه"، في ظل رفض من أطراف رئيسية في المعارضة قدمت طعونا لم يُصغَ إليها. وفورا تنكر الجنرال لهذا الاتفاق، الذي أوصله إلى السلطة، واعتبر الشق الثاني من الاتفاق – على الخصوص -وكأنه لم يكن، مما زاد الأزمة السياسية حدة، وأفقد المعارضة الثقة بالنظام. وقد تم إنشاء منسقية للمعارضة تضم اليوم عشرة أحزاب، دعت منذ الوهلة الأولى إلى حوار شامل، كما ينص عليه اتفاق دكار، يفضى إلى إجماع وطني يٌمكن - من بين أمور أخرى - من إجراء انتخابات شفافة ونزيهة يشارك فيها الجميع ويقبل بنتائجها. وبما أن السلطة القائمة رفضت الدخول في مثل هذا الحوار مع المعارضة، طيلة السنوات الثلاث الأخيرة، وفضلت البقاء على أجندتها الأحادية والتفرد بالسلطة، فقد قررت المنسقية مقاطعة هذه الانتخابات، التي تعتبر أنها لن تزيد الأزمة السياسية القائمة إلا تفاقما. الشرق الأوسط : ما هي السبل التي تنتهجها المنسقية لإفشال الانتخابات، وما هو حجم المقاطعة الشعبية ؟ أحمد ولد داداه : توظف المنسقية جميع الوسائل الديمقراطية المتاحة من أجل إفشال هذه المهزلة التي يهدف النظام القائم من خلالها إلي الحصول على مشروعية زائفة، بالرغم من فشله الذريع في خلق توافق وطني ينهي من الانسداد السياسي، وبالرغم من انفلات الأمن في ظل هذا النظام، سواء في الداخل أو على الحدود، وبالرغم من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتلاحقة جراء سوء التسيير. إن المراقب ليعجب من المفارقة الصارخة، بحالة هذا البلد، الذي يزخر بشتى أنواع الموارد البشرية والطبيعية، بينما يعيش أهله تحت وطأة الفقر والجهل والمرض، بدون نظام تربوي مؤهل، ولا نظام صحي يلبى أدنى حاجيات المواطنين... ولتعرية مهزلة الانتخابات ونزع الصدقية عنها، نظمت المنسقية مسيرات وعقدت مهرجانات شعبية ووقفات احتجاج، رغم ما واجهها من قمع وتنكيل، كما حصل أخيرا لتظاهرة نظمها شباب المعارضة ونساؤها، حيث قامت الشرطة بضرب النسوة فى سابقة مشينة، بعيدة كل البعد عن شيم الشعب الموريتاني الأصيل. وقد أثبتت هذه التحركات نجاعتها في كشف حقيقة المهزلة الانتخابية، التي قاطع الشعب حملاتها التي لم تتجاوز وسائلَ الإعلام الحكومية.
الشرق الأوسط : هل هنالك اتصالات بين المنسقية والنظام، وهل ما تزال بعض الأطراف تسعى لتقريب وجهات النظر
؟ أحمد ولد داداه : لدى منسقية المعارضة الديمقراطية القناعة التامة بأن الحوار يبقى الوسيلة الوحيدة لحل كافة المشاكل التي يعاني منها البلد، إلا أنه من الملاحظ أن هذا المبدأ الراسخ لا يلقى- للأسف الشديد - آذانا صاغية من الطرف الآخر. وعليه، فلا وجود في الوقت الحالي لأي اتصال بين السلطة القائمة والمنسقية.
الشرق الأوسط : يبدو النظام ماضياً في تنظيم الانتخابات، ألا يشكل ذلك إقصاء لكم من المشهد السياسي بعد أن فقدتم البرلمان كمنبر سياسي مهم ؟ أحمد ولد داداه : نعتبر في منسقية المعارضة الديمقراطية أن "ما بٌني على باطل فهو باطل". ومن هذا المنطلق، فإننا لا نعطي أي قيمة لما سيتمخض عن هذه الانتخابات، وسنواصل إن شاء الله نضالنا على جميع الأصعدة، لأجل إخراج موريتانيا من المأزق الذي وضعها فيه الجنرال محمد ولد عبد العزيز. الشرق الأوسط : كيف يرى زعيم المعارضة آليات الخروج من الأزمة السياسية ؟ أحمد ولد داداه : يبقى الحوار الشامل والصادق والبناء الوسيلة الوحيدة لإيجاد إجماع وطني يؤسس لقيام نظام ديمقراطي عادل، يأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الدينية والثقافية لهذا البلد، ويضمن العيش الكريم والرقي والأمن والاستقرار لشعبه |