حضور نصفى.. |
الأربعاء, 04 مارس 2015 17:44 |
كنت أخجل كثيرا من كونى ابن مطلقين , مع أن الأمر كان أكثر من طبيعى فى مجتمعى لكى لا أقول أن حالتى هى القاعدة والباقى ( ممن يعيشون مع والديهم ) هم الاستثناء ... كان زواج والداى حسب تحليلى الخاص لطبيعة ظروفهم الاجتماعية , و حسب الموضة السائدة انذاك فى بداية السبعينات انه كان صفقة أسرية , و ( ذرا للرماد فى العيون ) كما يقول المثل ... كان على أبى ان يتزوج من ابنة عمه و يقيم لها زفافا يتحدث عنه الجميع ( من اجل البروباغاند المجتمعية ) وله ان يطلقها متى شاء فى صمت و يتزوج من احدى بنات القبائل الأخرى الأقل شرفا بعد ان ( يسهاو عن الناس ) ... كنت الثمرة الوحيدة لتلك الصفقة , لم يكن للعاطفة أى دور فى تكوينى البيولوجى .. و ذلك ما كنت ألاحظه جليا فى عيون أبى عندما أزوره , كان ينظر الى نظرة جادة من تحت نظارته االطبية الكبيرة ذات الإطار الفضى الكئيب كان يعاملنى بوقار زائد لا يناسب سنى الصغيرة , كان الحوار الروتينى الذى يدور بيننا يقتصر على سؤاله عن أحوال أمى , أخوالى , و عن أمور دراستى , و بعدها يعطينى مظروفا ماليا من كل زيارتين بانتظام كمن يدفع ثمن مخالفة ( حياتية ) قام بها دون قصد لم يكن أبى يحس بالدموع التى تملأ عيونى عندما أودعه لأنه لم يكن ينظر الى بتدقيق , لم يكن أيضا يحس بتلك الرجفة التى تصيب أطرافى عندما أمد له يدى مودعا , كنت أتمنى ان لا يتركنى , أن يجلسنى على ركبتيه و يلعب معى كما يفعل والد صديقى لم يكن يختلف الأمر كثيرا فى بيت أمى , مع أن المسكينة كانت تبذل قصارى جهدها لتعوضنى عن غياب ابى خصوصا عندما لاحظت ان زوجها ( دايرنى على زر ) ويتجنب التعامل معى كنت أنام كل ليلة متقوقعا على نفسى ربما كان ذلك شعورى بأننى غريب فى بيت الأب و الأم .... كرهت طعم الحلوى التى كانت تعطينى امى لأبقى فى المنزل وحدى دون تذمر عندما كانت تحمل اخوتى الى "انسابها " لأن وجودى لم يكن محببا هناك , كانت المرارة التى احس بها فى نفسى تصعد الى حلقى و تفسد على طعم تلك الحلوى .... كنت دائما الخمسين فى المائة , فى بيت الأب والأم , لم احس يوما بالانتماء المطلق و ما أصعبه من إحساس ..... ------------------ من صفحة الأستاذة ميمونة بنت ابوه على الفيس بوك |