رصاص التحرير.. و رصاص التدمير |
الخميس, 29 يناير 2015 12:30 |
28 نوفمبر- معمر محمد سالم مثل احتلال فلسطين حدثا فارقا في تاريخ العرب، فعلى الرغم من فاجعة العرب في سقوط الأندلس، إلا أنها لا تماثل خسارة فلسطين، لأنها موطن أصيل للعرب..وقد تبنى مشروع الثورة العربية أهدافا ثلاثة، هي: الوحدة و الحرية و تحرير فلسطين، ومن أجل تحرير فلسطين دخل العرب مواجهات مبكرة مع العصابات الصهيونية، و خاضوا حروبا عديدة، بدء بحرب 1948 مرورا بحرب 1967 و صولا إلى حرب 1973. وهكذا سال الدم العربي مدرارا على الأرض العربية من أجل إحدى هم القضايا العربية، و لم يكن الخلاف حول أولوية تحرير فلسطين يقوم، إلا حين يتعلق الأمر بالمفاضلة في الأولوية مع الوحدة العربية، فكان السؤال الذي يُطرح، أيهما أولا، الوحدة أم تحرير فلسطين؟ وتم تجاوز هذا الإشكال من خلال القول بأن الأولوية لمن يتأتى أولا، لا فرق، لكن الشعوبية الجديدة ( جماعات الإسلام السياسي)، سعت إلى هز القناعات إلى نزع الغطاء العربي، حين اعتبرت أن تبني القوميين للقضية أسر لها في فضاء عربي ضيق، في حين لم تكن عروبة القضية سوى قنطرة إلى الفضاء الإسلامي و الإنساني، يقول الأستاذ عفلق ( إن عروبة القضية الفلسطينية، مدخل لابد منه من أجل إدخالها إلى دائرة الاهتمام الإنساني و الإنساني الإسلامي.).فقط ( الجهد القومي العربي بتياراته المتعددة، يجب أن يسبق أي جهد آخر) كما يقول الأستاذ. ثم توالى الحفر الإسلاموي في العقل العربي من الباطن، إلى حد تجاوز فيه النقد الذاتي حدوده المطلوبة، فتحول إلى حرب على المعنويات، من خلال تضخيم هزيمة 1967، و تسميتها حينا(نكسة) و حينا (حرب أيام ستة)، و حينا آخر (هزيمة مشروع الثورة العربية).. و تهويل الهزيمة هذا يجعل مجرد التفكير في مواجهة الكيان الصهيوني، أمرا صعبا، و هو ما يؤدي إلى تحطيم العقيدة الثورية القائمة على الإيمان المطلق بضرورة تحرير فلسطين من خلال النضال ( إن قضية فلسطين ستظل مطروحة بكل ثوريتها و كامل حقها في إزالة الاغتصاب)، لكن مهما تعددت تسميات المتنطعين الرديئة، فلن يستطيعوا أن يُطوحوا بما حدث إلى أبعد من هزيمة، لأن أي حرب لا بد فيها من غالب و مغلوب. و حدها الحرب على الوطن لا منتصر فيها.
قد يتشابه الرصاصان، ويبقى الفرق شاسعا بين رصاص لعلع للتحرير، و رصاص لا يلعلع سوى للتدمير و خلق حالة انقسام أبعد من التجزئة، التي هي في حد ذاتها ضمانة رئيسة لبقاء الكيان الصهيوني، يقول الأستاذ عفلق ( إن التجزئة تساوي بقاء و استمرار الكيان الصهيوني). إن بضع رصاصات أطلقها حزب الله على الصهاينة كانت كافية لكشف ما تبقى من فتات دعاة و بيادق ( الحريق العربي)، فقد نختلف مع حزب الله و مرجعيته الظلامية و تقاطاعاته الصفوية، لكن لا يمكن أن نكون في جانب نحن فيه أقرب إلى فسطاط الصهاينة و الناتو و بقية الحلف البغيض، فتلك محرمةْ من محرمات الخط القومي التحرري. |