السطو المتحضر |
الاثنين, 12 يناير 2015 23:32 |
تجد نفسك في المطبخ وقت الزوال في يدك نصف خبزة وتبحث عن "صوص" في استباق واضح للأحداث، وفي حملة انتخابية قبل أوانها وسط غفلة من المنافسين السياسيين، فينخفض منسوب الوقار، وخاصة عندما تفطن لك المكلفة بالمطبخ، فعندما تسمع أبسط حركة في المطبخ، تأتي مسرعة كأنها وزير اتصال يريد أن يزف بشرى زيادة الرواتب، حينها ليس أمامك إلا أن تعقد الصلح "مجننا رأسك"، ثم تعود أدراجك، مرتبكا كرصاصة ألمانية طائشة تبحث عن الجنرال الأميركي أيزنهاور خلال الحرب العالمية الثانية. تجلس في الصالة منتظرا الغداء ولا تتكلم مع أخيك الأصغر، الذي لا تريد الحديث معه لأنه مشغول بالتلفزة والفيسبوك، ولا يريد هو الحديث معك لأنك "أمْسخ امن انعاله من الريَّه بايْـته فالتـَّـلَـمَايـتْ".. حينها تبقى قاعدا دون فعل أي شيء كأنك وزير مكلف لدى وزارة البيئة بإحصاء أشجار "تــُورْجَه". ثم تحاول بعد ذلك إلهاء نفسك بمراقبة عمليات السطو السلمي المنظم الذي تقوم به الفئران غير مبالية بالمظاهرات السلمية التي تقودها الصراصير مطالبة بإشراكها في الثروات الوطنية.. وتلاحظ سرعة الفئران في العمل لأنها لا تعترف بالمثل الشهير "الي اصبر يلحگُ الظل" وذلك لأنها تعمل في "الظل" مسبقا. ثم تستنتج أنه ينبغي الاستفادة من الفئران سياسيا، لأن أيامنا التشاورية في السياسة تتحول في مجتمع الفئران إلى ثوان تشاورية كثيرا ما تتكلل بالنجاح بسبب وضوح الأهداف وترجيح مصلحة الوطن. وترى في جلستك تلك أيضا أن منسوب التكافل الاجتماعي مرتفع بين الفئران، وكيف أن فأرا يقف بحزن عند رأس فأرة ميتة بعد تناول قطعة خبز مسمومة، ولسان حاله ينشد قول الأعرابي: سيبقى لها في مُضْمَر القلب والحَـشَا – سَـريـرَةُ وُدٍّ يـومَ تـُبْـلـى الــسرائـرُ عشتم طويلا. ----------------- من صفحة الأستاذ محمد لغظف ولد احمد على الفيس بوك
|