تسييس النحو.. وتصريف السياسة(2) |
الخميس, 26 فبراير 2015 10:06 |
بلاد أهل العجم، حيث تتسم بالمرونة وقابلية الصرف، وفق تقلبات المناخ السياسي، وتغير ذبذبات "أصوات" الجماهير الناخبة التي تتبادل مع منتخبيها جدلية الفاعلية، فكل منهما فاعل ومفعول به في الوقت ذاته، عكس جماهيرنا العربية المفعول بها دائما من طرف حاكميها الفاعلين فيها أبدا، رغم أنهم – في حقيقة علاقاتهم بحاكميهم في الغرب – لايبدو أي واحد منهم إلا مجرد "اسم فاعل"، أو حتى "صفة مشبهة باسم الفاعل".
ومهما يكن حكامنا – فاعلين أو مفعولا بهم – فإنهم يعشقون من النحو العربي باب "التوابع" في مجمله، ولاسيما إذا كان "توكيدا" لذواتهم، أو "عطفا" للجماهير المقهورة عليهم، أو "نعتا" متملقا لهم، يدغدغ كبرياءهم الزائفة، أما التابع الوحيد الذي يكرهونه، فهو "البدل"، عبر التناوب الديمقراطي المشروع قانونيا،والمرفوض –تطبيقيا- من قبلهم، ما لم يكن "بدل اشتمال"، يتجسد في "بدل البعض من الكل"، عبر توريث الأبناء،خلفا للأبناء، والذي لايجوز –أيضا- ما لم يتراء للحاكم"المبدل منه" شبح الموت المحتوم، بعد استنفاذ "الظرف" الزماني"للرئاسة، ومع أن دوام "الحال" من المحال،تظل مباضع التغييرات "المنسوبة" للدستور زورا – تعبث بفترات مأموريات الرؤساء،حتى تجعلها مدى الحياة،موازاة مع دينامية مباضع الجراحة "التجميلية" التي تدمن-عبثا- مقاومة وهن العظم، واشتعال الرأس شيبا، ولكنها لن تستطيع في النهاية أن "تصلح ما أفسده الدهر"، ومن باب أولى لن تستطيع –أيضا– في نهاية النهاية أن تقاوم ملك الموت، (فإذا جاء أجلهم لايستأخرون ساعة ولايستقدمون) ومهما يكن "البدل" و"المبدل منه"، داخل دائرة الحكم العربي من المحيط إلى الخليج، فإن"القضية الزنبورية" ظلت تطرح نفسها باستمرار على بساط البحث النحوي والسياسي معا، حيث كان مثار الخلاف- أصلا- حول إعراب مقولة: "كنت أظن الزنبور أشد لسعا من العقرب، فإذا هو هي، أو إذا هو إياها"، ومع أن الصواب الإعرابي، ربما كان حليف سيبويه شيخ النحاة، فإن قرب الكسائي – منازعه– من البلاط العباسي ألقى بظلاله على رأي الأعرابي الذي حكم في القضية، فرجٍّحَ قوله محاباة، ومات سيبويه – إثر ذلك – غما.
وعلى الرغم من سقوط هذا العالم الكبير ضحية تغلب السياسة – ظلما – على العلم، فإن الأولى ما تزال تمارس تخريبها للثاني،عبر تخريب منطق قواعده العلمية، وتسفيه وتتفيه جدواه العملية،وما يزال "الزنبوروالعقرب"هماالمسموح لهما وحدهما بالتناوب – بدلا ومبدلا منه – على لسعنا، دون أن ندرى حتى الآن أيهما أشد لسعا، إلا أننا متأكدون – حد اليقين – أن لسعهما معا شديد، وبالغ المضاضة.(يتواصل) ---------------------- من صفحة الأستاذ أدى ولد آدب على الفيس بوك |