بنت بيروك أولى النساء في عالم الفن السابع .. تقف خلف الكاميرا - صور |
الاثنين, 16 فبراير 2015 21:02 |
هي أولى النساء في عالم الفن السابع الموريتاني حيث المهن حكر على الرجال، إنها السينمائية والمخرجة مريم بن بيروك التي رفعت الستار عما لا نراه، وأسمعتنا ما يبقى طي الكتمان وأنَّثت السينما الموريتانية بإعطائها الأولوية في أعمالها لقصص النساء الفاعلات في حياتهن. وفي ما يلي لقاء مع هذه الرائدة.
ولدت مريم منت بيروك في ""أطار"، غرب الوسط الموريتاني في 23 أكتوبر 1963، ولم تكن قد هيأت نفسها للعمل في مهنة الإخراج السينمائي. كانت مريم قد تربَّت على يد والدتها وزوج والدتها الذي كان مدرِّساً للغة الفرنسية. شغفت مريم بالمطالعة منذ نعومة أظفارها وكانت تحب أن تروي ما تقرأ لصديقاتها. ومنذ ذلك الحين وهي تهتم بمصائر النساء في بلدها.
أرادت مريم في البداية أن تصبح صحفية غير أنها كتبت بنفسها سيناريو مختلفا لحياتها المهنية. تدرَّبت في محطة "محطة فرانس 3" التلفزيونية الفرنسية في بوردو (فرنسا)، ثم في شركة TDF الفرنسية لنشر المواد السمعية والبصرية، وفي المركز الإفريقي لتدريب الصحفيين والإعلاميين في تونس CAPJC، ومن ثم في اتحاد إذاعات الدول العربية في دمشق، كما تعلَّمت مبادئ كتابة السيناريو في المجلس الدولي للإذاعات والتلفزيونات الناطقة بالفرنسية CIRTEF. وفي الوقت الذي تقلدت فيه الصحافيات وظائف في العالم السمعي- البصري الذي يتصدره الرجال، كانت مريم منت بيروك أول امرأة موريتانية تتولى وظيفة في مجال التكنولوجيا والفنون، لتعمل في المونتاج. وقد أعطت بذلك مثالاً للعمل في ثنائية مع الرجل، كما كانت أحياناً تعمل وحدها، وهو ما لم يسبقها فيه أحد. واليوم يتقاسم الرجال والنساء وظائف المونتاج في موريتانيا بشكل طبيعي جداً. "كنت أريد مساعدة الأخريات"
أصبحت مريم منت بيروك مخرجة حتى " تكون صوتاً لأكثر النساء ضعفاً"، وتأثرت بأعمال وقناعات أسماء بارزة في الحركة النسوية مثل روزا باركس، توكل كرمان، أوليمب دو غوج، نهاد أبو القمصان، وغيرهن الكثيرات اللواتي أردن مثلها أن"يُوكَّل إلى المرأة مزيد من المسؤوليات".
منذ بداية حياتها المهنية بالتلفزيون عام 1982، راحت مريم تجوب بعدستها "الأصقاع النائية" في موريتانيا، وهكذا قررت أن تصبح مخرجة للدفاع عن المرأة. تقول "أكثر ما صدمني ودفعني إلى العمل السينمائي، هو استبسال تلك النساء الطيبات وتفانيهن، وهن يكفلن أطفالاً عليهن إطعامهم وتعليمهم، يقمن برعاية مسنين، وفوق كل ذلك نراهن يجتهدن في عملهن لتلبية احتياجات كل من كان في كفالتهن ورعايتهن. كما أنهن في معظم الحالات مطلقات أو متزوجات من رجال عاطلين عن العمل. إنهن نساء غير عاديات (...). أردت أن أوضح دورهن في تسيير حياة الأسرة والمجتمع على أحسن وجه، لأنهن المحور الذي يدور كل شيء حوله. كما أردت أن يتعرَّف عليهن الآخرون، وأن يدافعوا بدورهم عن حقوقهن". التقطت عدسة مريم الجوّالة حياة نساء "مبتكرات وموهوبات "تندرج قصصهن في سيناريو الحياة الذي تعده مريم منت بيروك لنساء بلدها، أكثر من اندراجها في سلسلة الأفلام الوثائقية الإفريقية كالـ "النساء المكافحات"، Les femmes combattantes. تصوِّر مريم تلك "النجاحات الأنثوية"، وتعرضها على الشاشة الصغيرة في برامجها الأسبوعية. وتقول: "أنا أعمل في كل ما من شأنه إدخال البهجة على حياة المرأة الموريتانية، وجعلها واثقة من نفسها". لا فرق بين الرجل والمرأة
لم تكن المعركة بالسهلة كي تستطيع مريم منت بيروك تشغيل الكاميرا وإثبات وجودها. تقول: "لا توجد مهنة ليس بوسع المرأة القيام بها وعلى قدم المساواة مع الرجل وخطوة خطوة حتى تصل إلى التكافؤ في الوظائف. "الموريتانيات حققن كثيراً من التقدم مقارنة بأخواتهن الإفريقيات والعربيات، وذلك على الرغم من بضعة حالات من العنف والاغتصاب. المرأة الموريتانية أصبحت متواجدة في كل مجالات الحياة العملية ومع ذلك نراها تطلب دائماً المزيد ، فلماذا لا تصل إلى درجة التكافؤ المهني التام مع الرجل؟". تشغل مريم منت بيروك اليوم منصب رئيس وعميد الجمعية الموريتانية للنساء العاملات في مجال الصورة (التي تضم مخرجات ومصورات ومهندسات الصوت...) كما أنها مناضلة وتتقيد بالقانون ولديها رؤية مسالمة، فمعسكرها هو معسكر "العمل. فإذا كانت توعية النساء على مشكلتيّ الختان والزواج المبكر تحتل الصدارة، إلاَّ أن تشجيع المرأة على العمل وجعلها قدوة حسنة في المجتمع يأتي دوماً في المرتبة الأولى. كل ما تطمح إليه مريم هو توسيع أسرة العاملات في عالم الصورة، وذروة فخرها تكون عندما "ترى النساء في كل المهن السمعية-البصرية".
وبما أنه "لا توجد مهن خاصة بالرجال"، فمن البديهي بالنسبة إلى مريم منت بيروك أنه "لا توجد إلا سينما واحدة، سواء صنعها رجل أو امرأة. ففي عالم مثالي للمرأة مكانها إلى جوار شقيقها الرجل في انسجام تام"، خاصة وأن "المرأة المسلمة يمكن أن تعمل في أي مجال، والإسلام لا يمنعها من مزاولة العمل، ولا من تحقيق طموحاتها". ومريم من خلال برنامجها تمنح المرأة الموريتانية حقها في نيل اعتراف الآخرين لأنها مثل الرجل تريد أن تحقق ذاتها.
مونتركرل الدولية- 28 نوفمبر
|